عبدالفتاح عسيري.. صنو الكبار.. ولاعب من زمن الطيبين.. من أولئك اللاعبين الذين لا يشبهون أحدا.. إلا أنفسهم.. تشاهدهم فتقتحم البهجة روحك عنوة.. عطاؤهم على العشب الأخضر.. مهارات تسر الناظرين.. قادة لأوركسترا المتعة الكروية.. شذّوا عن قاعدة «كرة القدم أصبحت صناعة».. هي حرفتهم التي امتهنوها.. لا جدال.. ولكنهم لا يمارسونها كالآخرين.. بل يتنفسونها صباحا مساء.. ولدوا أصلا ليحيوا بها.. شهيقهم استزادة وتنمية لفنونهم.. وزفيرهم إبهار للعشاق.. كرماء دائما هم مع مريديهم.. الفوز والخسارة ليسا أولويتان لأهدافهم.. ما يقدمونه.. إمتاع لا ينتهي بالإشباع.. سجية جُبلوا عليها.. لا يجيدون سواها.. «فتاح».. جوهرة الأهلي الجديدة.. الوافد «الثقيل» إلى معقل النادي الملكي.. في شارع التحلية الشهير.. لؤلؤة اصطفت بجوار اللآلئ.. ليكتمل بها الفريق عقدا ممتلئ النجوم.. عسيري.. حط رحاله هذه المرة شرقا.. وأقصد شرق شارع الصحافة.. حيث عرين النمور.. نادي الاتحاد العريق.. غادر وجماهير العميد تتحسر على رحيله.. هو زرعهم الذي كانوا يمنون أنفسهم بحصاد إنجازاته.. غاضبون حد الجنون ممن فرط في أحد روافد مستقبلهم.. يشعرون بأنهم لم يرووا ظمأهم من نهر عطائه بعد.. كان بالإمكان أكثر مما كان.. هكذا يعتقدون.. انتقاله غدا واقعا الآن.. والبكاء على اللبن المسكوب لن يفيد.. والقلوب الحزينة.. ليس لها إلا أن تردد: «الله يعين العشاق».. عسيري.. يدرك أن شهرته التي صنعها مع الاتحاد.. ماضٍ لن يطعمه شهدا.. ولن يبني له مجدا.. حاضره الذي سيكتبه.. من سيفعل ذلك.. المنافسة محتدمة في الأهلي.. والخانات عزيزة المنال.. أن تستأثر بحيز في تشكيلة تنضح بالنجوم.. تحدٍ ليس باليسير.. المجانين يترقبون إطلالته الأولى ويتأملون فيه الكثير.. فهل يفعلها ابن «البواصهة».. وينثر في المدرج الملكي الفل والكادي؟! إن غدا لناظره لقريب.