رغم التصنيف العالي والمتقدم للمملكة في مجال السلامة المرورية والنقل على الطرقات، وامتلاكها شبكة نوعية سريعة منتشرة في مناطقها كافة، بحسب كبير أخصائيي النقل في البنك الدولي سعيد دحدح الذي وصف في تقريره الدوري في 13 ديسمبر 2015، السعودية بأنها متقدمة عالميا في مجال شبكة الطرق الآمنة والسريعة، إلا أنه كشف أنها تخسر ما يقارب 27 مليار دولار سنويا بسبب حوادث الطرق بمسببات متعددة منها مخالفات السائقين المتمثلة في السرعة العالية والتهور داخل المناطق الحضرية. جاء قرار مجلس الوزراء بإجراء تعديلات على نظام المرور الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/85) وتاريخ 26/10/1428 قبل 10 أعوام نتيجة تفاقم التهور بين الشباب في قيادة السيارة داخل المدن الحضرية وممارسة التفحيط، وقوبلت هذه التعديلات من قبل المجتمع السعودي بالإشادة من أجل ضبط التهور الشبابي المتصاعد والحد من ظاهرة التفحيط. أكد مدير النقل والممارسة العالمية في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات بالبنك الدولي الخبير الدولي خوسيه لويس ايروغيين، أن السعودية من بين البلدان ذات المعدلات الأعلى في العالم من حيث الوفيات الناجمة عن الحوادث المرورية وتهور السائقين. وتكلف حوادث الطرق ما يصل إلى 6 و7% من الناتج المحلي الإجمالي في المملكة. وأضاف في تقرير دوري صدر في عام 2013 أن الإصابات الناجمة عن حوادث الطرق في الفئات العمرية من (5-14) و (15-29)، تمثل أكبر عبء اجتماعي واقتصادي على السعودية، مشيرا إلى أن الإستراتيجية القطرية للسلامة على الطرق في المملكة العربية السعودية من أفضل بلدان العالم. وفي المقابل، قدرت الإدارة العامة للمرور الخسائر الاقتصادية من الحوادث المرورية والتهور في قيادة المركبات نحو 21 مليار ريال سنويا. وبث موقع مجلة «أوتو تريند» الأمريكي في الرابع من أغسطس 2011 مقطع فيديو لمجموعة من الشباب السعوديين في مدينة حائل يقودون سيارة جيب على إطارين فقط وفي الوقت نفسه يستبدلون العجلتين الأخريين في طريق حائل – الجوف - الأردن السريع، وعبر عدد من الأمريكيين عن دهشتهم وقالوا إن ما حدث لم يحدث في الأفلام الأمريكية لخطورة الموقف. إلى ذلك، أكد المشرف على كرسي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز للسلامة المرورية وأستاذ هندسة المرور والنقل في جامعة الملك سعود الدكتور علي بن سعيد الغامدي، أن ما أقره مجلس الوزراء من تعديلات على نظام المرور تأتي في إطار حرص ولاة الأمر على حفظ الأرواح والممتلكات من كل ضرر، وانطلاقا من ذلك جاء تدخل المجلس بتغليظ غرامات مخالفة التفحيط تأكيدا على اهتمام الدولة بحياة المواطنين والمقيمين وسلامتهم وأمنهم. وقال إن القرار جاء للحد من الحوادث المرورية، لافتا إلى أن مشكلة حوادث الطرق في المملكة وصلت إلى مستويات خطرة وباتت تهدد مستخدمي الطرق، وهذا القرار سيؤثر إيجابا في تحسين السلوك المروري، ومتوقعا أن تبدأ ظاهرة التفحيط بالتلاشي خلال عام واحد في حال تم التطبيق بحزم وصرامة. وأكد الدكتور الغامدي ثقته التامة بأن الأجهزة الأمنية في المملكة خصوصا الإدارة العامة للمرور قادرة على تطبيق هذه العقوبات وملاحقة ممارسي التفحيط لوضع حد لهذه الظاهرة التي عانينا منها لعقود، فضلا عما تتميز به العقوبة من صرامة مالية ومعنوية معا، «فالمخالف سيتكلف غرامة كبيرة نسبيا، فيما سيكون قرار حبسه بيد المحكمة، مما سيجعله يفكر ألف مرة، وهذا بحد ذاته مدعاة للردع».