الفتوى الصادرة من غير المؤهلين من أسباب انتشار الإرهاب في عصرنا الحديث، إذ لا بد من معرفة المآلات وفقهها في الفتوى الشرعية الصحيحة، خصوصا في باب النوازل ومسائل الاجتهاد، ولابد من تغليب جانب السياسة الشرعية والمصلحة العامة على الخاصة، وتقديم الضروري على الحاجي وموافقة المنطوق السياسي للرأي الشرعي السديد، مع الإلمام بفقه الموازنات والاجتهاد في معرفة المآلات فهذا من الضرورات الملحة في هذا الوقت لأهل الولايات الخاصة والعامة، والفتيا والقضاء والحسبة، ليعيش مجتمعٌ سالمٌ معافى من المصائب والشرور. وإهمال المآلات والجهل بالسياسة الشرعية والفهم السقيم لنصوص الوحيين هو سبب الأعمال الإرهابية المنتشرة اليوم، والفتاوى الشاذة المؤيدة لها. والخطر المحدق من فتاوى مؤدلجة تنتطلق من منابر شرعية وإعلامية لا تراعي المآلات والحكمة والسياسة الشرعية والأولويات، وهذا مما ينذر بشر عظيم وخطر كبير. وواجب العلماء أن يراعوا فقه الأولويات وتغليب الضروريات على الحاجيات والبعد عن الانشغال بالردود في المسائل الجزئية، والاهتمام بحفظ الدين والفكر. لأنه لما ضعف تأصيل المنهج الحق للعامة، تلقف العامة دعاة الضلال فأضلوهم، حتى آلات الأمور أن يقتل الرجل أمه وأباه وعمه وأخاه. ومن ينظر إلى ما يحدث اليوم في سورية واليمن والعراق يعلم أن الفتاوى الشاذة لما سمي بالربيع العربي كانت بعيدة عن المآلات الصالحة بل مؤدلجة لمصالح حزبية خبيثة. فعلى العلماء تحمل أمانة إيصال الدين بمنهج محمد صلى الله عليه وسلم، فإن الذمة لا تبرأ، والله سائل كل مسلم عن رعيته وولايته. هل سوف نبقى على موقع ردة الفعل والتبرير؟ أم حان الوقت ليقف الساسة والعلماء لتصحيح الخطاب الديني والسياسي وإيجاد المرجعيات المعتدلة في الولايات الشرعية التي يرتبط بها الناس قلباً وقالبا، والعمل على تجريم الإرهاب والسعي لحفظ المجتمع ليعيش بسلام وأمانٍ بعيداً عن الإرهاب والفوضى؟ عبدالعزيز الموسى- عضو الإدارة العامة للتوجيه والإرشاد في المسجد الحرام بمكة المكرمة -سابقاً-