قول مأثور يردده المسلمون ولا يعمل معظمهم به هو عبارة «الدين المعاملة» مع أنها عبارة جليلة وذات معانٍ نبيلة وهي مما قل ودل من الكلِم الطيب، وقد جالت هذه العبارة في فكري وأنا أقرأ في أحد مواقع التواصل ما قاله تاجر صيني انتشر قوله عبر الجوالات، حيث قال «يطلب مِني بعض التجار المسلمين تزوير بضاعتي بوضع أسماء ماركات عالمية عليها، ثم يرفضون الطعام الذي أقدمه لهم لأنه غير حلال»!. وقد جاء قول التاجر الصيني الذي لا يدين بدين الحق على سبيل التعجب والاستنكار، لأنه وجد أمامه تناقضا صارخا في سلوك أولئك التجار المسلمين؛ فهم يريدون عن طريقه غش أوطانهم ومواطنيهم وأمتهم بطلبهم تزوير البضائع التي تقدموا لشرائها منه، مع أن النبي الأعظم صلى الله عليه وسلم يقول: «من غشنا فليس منا» وهم وغيرهم يرددون العبارة النبوية الشريفة، ولكن معظمهم يطبق ما يخالفها جملة وتفصيلا غير مبالٍ أنه بغشه للمسلمين لم يعد واحدا منهم، فإذا ما جاء أمام مسائل أدنى منها أخذ يحلل ويحرم بحماس مْنْقَطِع النظير!. وتحضرني بهذه المناسبة قصة مبتعث عربي أراد أن يضحي في بلد البعثة، وهو بلد أوروبي، وبدل أن يخرج لضاحية من ضواحي المدينة الأوروبية حيث يوجد جزارون مسلمون يقومون ببيع الخراف وذبحها وفق الطريقة الإسلامية، أحب أن يقوم بذلك «شخصيا» حرصا منه على تطبيق السُّنة، فاشترى خروفاً حنيذاً وجلبه إلى شقته، وكمم فاه، حتى لا يسمع صوت ثُغَائِه أحد، وأدخله في الشقة، وصلى صلاة عيد الأضحى ثم ذبح الخروف في المطبخ وأخذ بقاياه من جلد وأمعاء ونحوها ووضعها في كيس بلاستيكي، وخرج من العمارة ورمى الكيس عند عاشر عمارة في الشارع، فلما جاء عمال النظافة فزعوا من الكيس وما فيه وأخذوا يفكرون في الفاعل، وبينما هم في جدال وتحقيق جاءتهم عجوز تتوكأ على عصا وأخبرتهم أنها أرقت، مساء البارحة، فَجَلَستْ في شرفة شقتها فرأت شخصاً يقتاد خروفاً ويدخل به في العمارة المجاورة لعمارتها.. فتم تحديد العمارة ومن ثم الفاعل الذي كان هو المسلم الوحيد من سكان تلك العمارة، وكانت التهم الموجهة إليه كافية لإلغاء بعثته وتغريمه ماليا؟!.