حين اتصل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان برئيس حزب الشعب الجمهوري كمال كليجدار أوغلو، ورئيس حزب الحركة القومية دولت بهتشلي، اللذين رفضا المحاولة الانقلابية، وأعلنا بشكل واضح وصريح رفضهما المساس بالحياة الديموقراطية، كان يخطط لما هو أبعد من رد الجميل الوطني. تميل السياسة التركية «الأردوغانية» إلى طابع العجلة والإنجاز السريع، حدث ذلك في المصالحة الإسرائيلية والروسية في يومين فقط، إذ أحرق أردوغان المراحل ودفن الماضي إلى غير رجعة. واليوم يمارس الرئيس التركي سياسة حرق المراحل، للوصول إلى ما كان يصبو إليه في التخلص من الخصوم العسكريين والمدنيين وبقايا فتح الله غولن، الذي يعتبر مصدر الصداع الوحيد لحزب العدالة والتنمية. تترقب تركيا اليوم (الأربعاء)، يوما مزلزلا، بعد إعلان أردوغان في خطابه أمس الأول (الإثنين) أن البرلمان التركي سيعلن عن قرارات مهمة جدا.. لكن ما هي هذه الأشياء الهامة.!؟ بالعودة إلى اتصال الرئيس التركي لزعيم الحركة القومية يظهر أن الرئيس يخطط لمعركة أصوات في البرلمان لتنفيذ قرار الإعدام بحق الضباط المتورطين بمحاولة الانقلاب الفاشلة. وقد ظهرت نتائج هذا الاتصال والتخطيط الأردوغاني، أمس، إذ أعلن حزب الحركة القومية التركي (المعارض)، استعداده لدعم أي مشروع قانون تطرحه الحكومة التركية على البرلمان، بغرض إعادة تطبيق حكم الإعدام في تركيا، وذلك عقب مطالبات جماهيرية واسعة بإعادة العقوبة إلى قانون جنايات البلاد، إثر محاولة الانقلاب الفاشلة التي شهدتها البلاد (الجمعة) الماضية. وقال نائب رئيس الكتلة البرلمانية للحزب، إركان أقتشاي، في مؤتمر صحفي، عقده في مقر البرلمان بأنقرة، إنه في حال عرضت الحكومة (يشكّلها حزب العدالة والتنمية برئاسة بن علي يلدريم) على البرلمان، مشرع قانون لإعادة تطبيق حكم الإعدام في تركيا، فإن حزبه سيتجاوب مع هذا الأمر الذي يعد مطلبا شعبيا، وفقا لتعبيره. وبهذه الحالة يكون الحسم للتوازن البرلماني، الذي يرجح أن أردوغان ضمنه بعد موافقة الحزب القومي، إلا أنه يحتاج فقط ل10 أصوات من أجل الوصول إلى ثلثي عدد البرلمان؛ فالبرلمان التركي يتكون من 550 مقعدا يملك حزب العدالة 317 مقعدا وهو عدد لا يمكنه من إصدار قرار نافذ، ذلك أن القرار يحتاج إلى الثلثين أي 367، وهنا إذا ضمن حزب العدالة أصوات الحزب القومي التي تبلغ 40 مقعدا، فإنه مازال يحتاج إلى 10أصوات قد يمنحه إياه الحزب الجمهوري. وهناك نقطةقوة لدى أردوغان وهي استثمار لحظة التأجيج الشعبي، التي يصعب تجاوزها في هذه الظروف، وبالتالي يضع كل من يرفض قرار الإعدام في موقف محرج أمام الشعب الذي مازال يملأ الشوارع من أجل الضغط على البرلمان.. فهل سيكون يوم (الأربعاء) يوم الدم في تركيا..!؟.