لايمكن بأي شكل من الأشكال فهم موقف الحكومة العراقية التي تغلق أبواب العاصمة بغداد في وجه الهاربين من الفلوجة، وتقيم لهم مخيما في الصحراء، وها هم بعد أن عاشوا مع شبح الموت أكثر من عام ونصف، وهم في قبضة عصابات «داعش» الإرهابية يدفعون ثمن الخلافات الشيعية، وسعار طائفية الحشد الشعبي الذي يقوده فعليا، وميدانيا هذه المرة المجرم الأكبر قاسم سليماني قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني. ووسط أصوات الانفجارات الناجمة عن القصف العشوائي المتواصل على الفلوجة، كبرى مدن محافظة الأنبار غربي العراق، والحصار المفروض على الأهالي القابعين تحت سيطرة عصابات «داعش» الإرهابية، وحصار القوات العراقية، والميليشيات من الخارج، وجه أهالي مدينة الفلوجة نداءات استغاثة عاجلة للمنظمات الإنسانية والمجتمع الدولي لإنقاذ أهالي المدينة من الموت جوعا. العائدون من الموت قتلا أو جوعا يدلون ل «عكاظ» بشهادات مروعة عما ألحقته بهم عصابات «داعش» الإرهابية في الفلوجة. وتسرد سيدة في ال50 من عمرها تحدثنا معها عبر فريق المساعدات الإنسانية بعد أن تمكنت من الهرب مع أطفالها الثلاثة بمساعدة بعض مقاتلي العشائر في الفلوجة أن «داعش» منذ أن سيطروا على المدينة قبل عام ونصف أبقوهم داخل منازلهم، فيما بدأوا بعمليات قتل الرجال والشباب قبل أن يعمدوا إلى سياسة تجويع السكان، إذ قتل الجوع المئات من سكان المدينة غالبيتهم من الأطفال. وأضاف، إن الحشد الشعبي ارتكب مجازر عنيفة ضد أهالي الفلوجة. وتقول السيدة أم عمر إن «داعش» ارتكبت أفظع الجرائم بحق أهالي الفلوجة وعندما اشتدت أزمة المواد الغذائية وبدأ الأطفال يفارقون الحياة بسبب الجوع كانوا يوزعون علينا أطعمة تالفة لا تأكلها الحيوانات، مشيرة إلى أن الحشد الشعبي قام بقتل العشرات من أهالي الفلوجة. ويدلي عدنان العيفان وهو أحد من تمكنوا من الهروب من أطراف الفلوجة بشهادته المروعة عما فعلته عصابات «داعش» الإرهابية بأهالي الفلوجة. وقال إنه في مشهد مرعب قام عناصر من «داعش»بقطع رؤوس ثلاثة إخوة أمام أطفالهم وزوجاتهم لأنهم قاوموا العناصر الذين اقتحموا منزلهم، مشيرا إلى أن الحشد الشعبي لم يترك الفارين في حالهم، إذ تم اعتقالهم والتنكيل بهم. وأشار إلى أن أهالي الفلوجة يعيشون بين 3 نيران الأولى «داعش» والثانية «الحكومة» والثالثة «الحشد الشعبي» والجميع يريد تصفية أهالي المدينة، معتبرا أن الحشد يعتبر كل من ينتمي إلى السنة ينتمي إلى «داعش» وذلك في إطار الحرب الطائفية. أما الطفلة بلقيس فتحدثت عن موت الأطفال بسبب الجوع وعن عائلات أبيدت بكامل أفرادها، معتبرة أن «داعش» تحمل كل الإجرام ولا تعيش إلا على سفك الدماء. الشيخ برزان الجميلي قال إن «معاناة أهالي مدينة الفلوجة تتفاقم يوما بعد آخر بسبب الإرهاب والجوع وفقدان العلاج والمستلزمات الطبية». مطالبا المجتمع والتحالف الدوليين بإسقاط مساعدات غذائية جوا لسكان مدينة الفلوجة، لافتا إلى أنه إذا ما استمر الحصار المفروض على المدينة أكثر من ذلك فإن كارثة ستحل. وقال «هناك ازدياد حالات الوفيات نتيجة الجوع وانعدام المواد الطبية موضحا أن ثمانية أشخاص من أهالي الفلوجة جلهم أطفال وكبار في السن يموتون يوميا بسبب الجوع القاتل، وانتشار الأمراض المعدية والقاتلة». ودعا مجلس محافظة الأنبار، المنظمات الدولية والمحلية إلى إغاثة الأسر النازحة من الفلوجة والتخفيف من معاناتها، متوقعا موجة نزوح لأهالي الفلوجة تقدر بالمئات نحو عامرية الفلوجة.