الفرح يخلق البهجة. هذه البهجة طرز بها نادي الأهلي ليلة أمس الأول سماء البلد -وخاصة مدينة جدة- ولأن جماهير هذا الراقي انتظروا طويلا لكي يعود ناديهم ببطولة الدوري؛ لذا كانت البهجة تبحث لها عن مكان إضافي لتتمدد فيه. ولأن (البعد طال) فقد مضى الزمن وجماهير الأهلي يمنون النفس بتحقيق هذا اللقب الذي نأى عنهم بعيدا. وذكريات هذا اللقب بعدت عقودا من الزمن تحولت مع الأيام إلى مشجب سخرية من قبل المنافسين حتى أن التهنئة بالحصول على لقب الدوري لهذا العام لم ينفك عنها رداء السخرية حين هنأ المنافسون جماهير الأهلي بقولهم: -مبروك الدوري لل.... وهي سخرية لا ذعة تحمل دلالة العمق الزمني بين البطولة والنادي، وتحمل أيضا عمق التعصب الكروي الذي يتنافى مع الأخلاق الرياضية. كانت جماهير الأهلي عطشى لهذه البطولة تحديدا؛ ولهذا سخر النادي كل إمكاناته للحصول على اللقب. وليلة أمس الأول كانت التهنئة تخرج من حناجر المشجعين المؤيدين أو المنافسين. هذه التهنئة جاءت بعدما استطاع نادي الأهلي القفز على جميع الحواجز بخفة ورشاقة فأغاضت خصومه، لكنها لم تمنع خروج اعتراف بأنه كان فرس رهان منذ انطلاقة الدوري. وإن غاب عن هذه البطولة، فنحن نذكر تفاصيل تسيد فريق الأهلي للبطولات في التسعينات الهجرية آنذاك، ولم يكن ابتعاده عن اللقب إلا تذكرا للكسر المضاعف الذي أحدثه لخصومه، وكان جبروته متماديا على كل منافسيه، فجعل السنوات العجاف التي أبعدته عن الدوري مرتع سخرية لكل من كسرهم في الماضي. وفي هذا الموسم كان لعب نادي الأهلي أنيقا، أخضع الجميع بالاعتراف بأحقيته لنيل البطولة فجاءت ليلة أمس الأول متوجة لمشوار الراقي الذي قطعها هذا الخيل الأصيل بأناقة تليق بماضيه. كانت ليلة فرح الأهلاويين لوحة فنية جسدت معاني الحب واللهفة لبطولة، وأعادت للنادي هيبته الهاربة عنه. في تلك اللوحة ظهر الكثيرون من مشجعي وداعمي الأهلي، وربما كانت جوهرة العقد ظهور الأمير خالد العبدالله، فكانت النتيجة واللقب احتفاء بالرمز، وكانت فرحة الأمير خالد جامعة لكل أفراح الأهلاويين من خلال إشعاع ابتسامة ظلت منفرجة طوال مباراة التتويج. على الأهلي الآن ألا يتمادى في كسر خصومه.