فكّ فريق النادي الأهلي لكرة القدم في ليلة الجمعة الخضراء، رموز خريطة «النجاة» من موسم «الصعوبات»، كاسراً بوابة «اليأس» وعابراً بكل ثقة وبدعم من جمهور «خط النار» متاهات «الإحباط»، ومقدماً في الوقت نفسه تفسيراً بليغاً لكل العبارات التي استخدمها المفكرون والأدباء وحتى الفلاسفة في حربهم ضد داء «ضعف الإرادة». دخل النادي الراقي بكل مكوناته: إدارة، لاعبين، جمهور«ثوري»، بطولة خادم الحرمين الشريفين للأبطال، بذاكرة استرجعت في موسم مليء ب«الأحزان»، مقولة الزعيم السياسي والكاتب المصري مصطفى كامل «لا يأس مع الحياة ولا حياة مع اليأس»، ورددت الأبيات الشهيرة التي شدا بها الفنان السعودي راشد الماجد «مابنكسر صابر ... لو فرصتي تمضي... والحظ لو عاثر... بصنع أنا حظي»، فيما وضعت من عبارة الأديب العالمي شكسبير «هناك ثمة وقت في حياة الإنسان إذا انتفع به نال فوزاً ومجداً» عنواناً رئيساً لخطة مُحكمة هدفها إعادة «كأس الملك» المتيم منذ سنوات ب«فرقة الرعب» إلى المبيت في حضن «قلعة الكؤوس» للمرة 11 في تاريخه. هذه الخطة لم تمنح النادي الملكي شرف تحقيق بطولة غالية تحمل اسم «ملك الإنسانية» خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، أو حجز معقد مؤكد بين المتنافسين على البطولة الآسيوية، أو حتى ضمان العودة من الباب الكبير لموقعه المعتاد بين الكبار في الرياضة السعودية فقط، بل تجاوزت ذلك لتقدم من خلال «الراقي» درساً جديداً في منهج «قوة الإدارة»، وتبعث برسالة مؤثرة لكل باحث عن الإنجاز مفادها «لا تحاول البحث عن حلم خذلك... وحاول أن تجعل من الانكسار بداية حلم جديد». وحتى يستمر النادي الراقي وجمهوره «الداعم» في الاستمتاع ب«الحلم الجديد» لمواسم عدة، والابتعاد كلياً عن كوابيس «الإخفاق» المتكرر، يجب على الإدارة الأهلاوية بقيادة «أسد الأهلي» الأمير فهد بن خالد، الاستفادة من خلطة «الإنجاز» التي كانت فيها «روح الجماعة» العنصر الأساسي، مع العمل على تلافي الأخطاء المسجلة، فضلاً عن الحرص على إعداد «خريطة طريق» للموسم الرياضي المقبل تتضمن: التوقيع مع مدرب عالمي يمتلك الفكر والطموح، تدعيم الفريق بعناصر أجنبية ومحلية مميزة في المراكز الشاغرة كخانة المحور وقلب الدفاع وصناعة اللعب، وكذلك تعزيز «ثقافة الفوز» داخل أفراد الفريق، والتي لن تستمر إلا باللعب الرجولي والروح الحماسية، إضافة إلى وضع خطوط حمراء تمنع التفريط بأقوى ثنائي هجومي في دوري زين السعودي والمكون من «السفاح» فيكتور سيموس، و«العمدة» عماد الحوسني. فواصل.... - حقق جمهور النادي الأهلي هذا الموسم «ثلاثية» تاريخية، بدأت فصولها عندما أصدر قراراً يلزم فريق كرة اليد بإضافة بطولة الأمير سلطان بن فهد إلى قائمة البطولات الطويلة، واستمر عندما أمر فريق كرة الطائرة بكسر احتكار نادي الهلال للبطولات خلال السنوات الماضية والحصول على بطولة النخبة، في حين أجبر فريق كرة القدم المتراجع في المستوى على مصالحته في «موسم الصعوبات» من طريق خطف الفوز أمام المنافس التقليدي نادي الاتحاد وتحقيق بطولة خادم الحرمين الشريفين للأبطال. - أتوقع أن يصبح رئيس النادي الأهلي الشاب الأمير فهد بن خالد، علامة بارزة في تاريخ قلعة الكوؤس خلال السنوات المقبلة، لأسباب عدة منها: أنه رجل شطب من قاموسه الحياتي مفهوم «اليأس»، وتحمل الضغوطات بكل جرأة، واعترف دون مكابرة بالأخطاء وركز على معالجتها، والأهم من ذلك كله أنه عاشق بجنون للكيان الأهلاوي وجمهوره. - أطلق المعلق الرياضي الكبير علي سعيد الكعبي في وقت سابق على اللاعب الإسباني المميز أندريس أنيستا لقب نيوتن الكرة العالمية، لذا أستسمح من استاذ التعليق العربي اقتباس هذا اللقب ومنحه للاعب الأهلاوي تيسير الجاسم، الذي يعد بحق نيوتن الكرة السعودية، وعراب الجاذبية فيها. - لحظات التأمل التي عاشها اللاعب البرازيلي فيكتور سيموس قبل بداية المباراة النهائية مع نادي الاتحاد منبهراً من الحضور المؤثر للجمهور الراقي، والدمعة التي ملأت عيني اللاعب العماني عماد الحوسني وهو يغادر ملعب المباراة مع بداية الأشواط الإضافية، فضلاً عن حال البكاء الهيسترية التي اعترت اللاعب البرازيلي مارسينهو دي سلفا مع الإعلان الرسمي عن فوز الفريق بالبطولة، دليل جديد على أن النادي الأهلي يمتلك سحراً فريداً يحول عشاقه إلى «مجانين». - وسط الأفراح الأهلاوية بالفوز ب«كأس الملك» غاب وعلى غير العادة، تاجر السعادة في عام 2007 اللاعب مالك معاذ، وحتى يعود مالك الهالك لتوزيع بضاعته بين الأمة الأهلاوية عليه الاستفادة من درس «الإنجاز» الذي تحقق بسلاح «الروح»، فالروح وحدها السبيل لكي يعلو صوت الجماهير وهي تردد «ما يخسر اللي يلعب له مالك». # في ليلة عرس «الراقي» عاد الشجاع ياسر المسيليم لوضع قدميه على سلم النجومية، وأثبت كامل الموسى أنه المصيدة التي تنتهي عندها خطورة الخصوم، في حين تفنن شقيقه اخطبوط الكرة معتز في عزف الهجمات الأهلاوية، مستفيداً من ابداعات نيوتن الكرة السعودية ولد الجاسم، وبعد أن انهك العمدة الحوسني بتحركاته دفاعات العميد بمساندة الأنيق الصغير و«الكبتانو» محمد مسعد، أجهز السفاح فيكتور على المبارة وكتب السطر الأخير في حكاية البطولة رقم 43 للنادي الملكي. [email protected]