ترتبط السياحة والترفيه ارتباطا عضويا في كثير من دول العالم، وبلغ اهتمام كثير من الدول بهذا القطاع الحيوي أن خصصت له وزارة أو هيئة مستقلة، بل إن المملكة منحت قطاع الترفيه مزيدا من الاهتمام والاستقلالية المالية والإدارية، عندما أعلنت أخيراً ضمن الهيكلة الجديدة إنشاء هيئة جديدة بمسمى «الهيئة العامة للترفيه»، وتأتي هذه الخطوة الجريئة تنفيذا ل«رؤية السعودية 2030»، وتوجهاتها المعلنة لتحقيق السعادة من خلال دعم جهود المناطق والمحافظات في إقامة المهرجانات والفعاليات، فضلا عن تفعيل دور الصناديق الحكومية في المساهمة في تأسيس المراكز الترفيهية وتطويرها، وكسر الرتابة التي يعيشها المواطن والمقيم في المدن السعودية. كما أن «رؤية السعودية 2030» تؤمن بأن قطاع الترفيه يعد أحد أبرز عوامل الجذب السياحي الذي وجدت فيه كثير من الدول بديلا إستراتيجيا عن النفط، خصوصا أن المملكة تتمتع بإمكانات طبيعية وموقع جغرافي مميز، من شأنه أن يحول هذا القطاع إلى مصدر للدخل نجني من خلاله مئات المليارات. سبق أن أعلنت الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني أن «15% من معوقات صناعة الترفيه بالمملكة هي تحديات تنظيمية»، وهنا يبرز دور الهيئة الجديدة لتذليل تلك العقبات من خلال تشريعات تنظيمية جديدة تمنح المستثمرين في مجال الترفيه مزيدا من الامتيازات والتسهيلات، وتوفر لهم أيضا فرص المشاركة في الأسواق الدولية، فضلا عن رفع مستوى الوعي بالمنتج الترفيهي ومراقبته لحماية النشء، إذ إن أكثر وسائل الترفيه تسهم في تكوين ملامح شخصية الأجيال، ومنها على سبيل المثال الترفيه بالألعاب الإلكترونية التي تسيطر على حصة كبيرة من مداخيل سوق الترفيه، فكثير من تلك الألعاب تستثمر من جهات مشبوهة لاستهداف النشء وتنمية الروح القتالية لديه، فضلا عن نشر السلوكيات الخاطئة التي لا تنسجم مع أخلاقيات وتعاليم ديننا الإسلامي، لذا فإن الهيئة الجديدة لابد أن تتحمل مسؤولية المراقبة وحماية الملكية الفكرية للمبدعين في مجال الترفيه. لابد أن ترسم «الهيئة العامة للترفيه» خريطة طريق واضحة لصناعة الترفيه في المملكة، ولابد أن تتكامل هذه الجهود وتتناغم مع جهود الهيئات الأخرى كالسياحة والجهات الخدمية الأخرى، لتحقيق أهداف «رؤية السعودية 2030» وفق جداول زمنية وإستراتيجيات واضحة ودقيقة للتنفيذ.