أصبح لدينا الآن هيئة عامة للترفيه، أي أننا نتجه، حكومة وشعبا، إلى طريق السعادة الذي غاب أو ضاق أو شح في ما مضى نتيجة لأسباب متعددة أولها أن هناك من يرى الترفيه سبة ومغبة وآخرها أن كثيرا من الجهات المعنية بوظائف ووسائل هذا الترفيه كانت حذرة أحيانا وبطيئة أحيانا أخرى في قراراتها ومشاريعها. أضف إلى ذلك أن من يرى أن الترفيه هو (زحاليق صابون) وكبسة بخاري ومسابقات سمجة في المخيمات يحضرها الصبيان وآباؤهم، أي الذكور فقط، لا علاقة له بصناعة الترفيه الحقيقية التي يعرفها العالم وتعرفها المنطقة من حولنا؛ حيث نصرف سنويا مليارات الدولارات في زيارات سياحية متعاقبة إلى هذه المناطق التي تعتبرنا جيوبا ترفيهية لا تنضب. الآن نحن نتطلع إلى حالة سعودية ترفيهية جديدة وحقيقية تأخذ كل فروض وشروط الترفيه والسياحة الناجحة في اعتبارها؛ من الأماكن السياحية العامة الراقية إلى مشاريع الفندقة المناسبة بكل درجاتها إلى المطاعم العالمية والمحلية المضبوطة مستوى ونوعا. نريد متاحف كبرى متنوعة ومدن ملاهي عارمة ومحترفة ودور سينما فخمة ومتنزهات برية ومائية تستغل خصائصنا الجغرافية من البحر الأحمر في الغرب إلى الخليج العربي في الشرق. نريد أن نبني صناعة خدمات ترفيهية وسياحية على مستوى عالمي توفر للأفراد وللعوائل ما جربوه في الدول الأخرى التي تعطيهم الكثير مقابل المعقول وما هو في المتناول من التكاليف. نتطلع أيضا، مع الهيئة الجديدة، إلى التخلص من الشطط في موضوع الاختلاط وأن ننطلق من قاعدة أن المكان الترفيهي المختلط، سواء أكان متنزها أو متحفا أو دار سينما، مثله مثل السوق والكورنيش والحديقة المختلطة. أي يفترض أن نقضي على عقدة وجود رجال ونساء في نفس المكان إلى تلك الدرجة التي يذهب فيها الأولاد مع أبيهم من باب بينما البنات يذهبن مع الأم من باب آخر. لقد كنا وما نزال نفرق بين أفراد الأسرة الواحدة التي جاءت لمكان الترفيه لتستمتع بوقتها السعيد المشترك معا. وقد كنت، بعد أن عشت خارج المملكة لسنوات، أتساءل ما الذي حدث حين كنا، أنا وزوجتي وأولادي، نزور دارا للسينما أو نتمشى في منتزه عام أو نقضي وقتا جميلا في إحدى مدن الملاهي؟! لقد عرفت أولادي وكنت قريبا جدا منهم خلال ثلاث سنوات في الخارج أكثر مما عرفتهم أو كنت قريبا منهم في المملكة؛ والسبب هو أننا كنا دائما نقضي الأوقات (الحلوة) معا. ما لدينا في مسائل الترفيه والاختلاط هو مجرد أوهام وتخرصات بدليل أن كل فئات مجتمعنا، بمن فيهم من يسمون ملتزمين، يسافرون ويعيشون حياة ترفيهية وسياحية مختلطة عادية في كل البلدان التي يزورونها. ولطالما تجاورنا على طاولات الفطور في فنادق دبي وماليزيا وتركيا ولندن وباريس، فما بالنا نخشى هذا التجاور الصحي والحميد في بلدنا؟!