بعد 20705 أيام من تأسيس وزارة البترول والثروة المعدنية، حينما كانت السعودية تسعى إلى تنظيم استثمار الموارد الطبيعية؛ لتحقيق المزيد من النمو والرخاء الاجتماعي، تحولت الوزارة أمس بعد 56 عاما إلى وزارة الطاقة والصناعة والثروة المعدنية. إذ نفضت الأوامر الملكية الصادرة بإعادة هيكلة وزارات وأجهزة حكومية مرحلة أوائل الثلاثينات من القرن الميلادي الماضي، التي أُدمن النفط خلالها في منطقة الخليج العربي. وانسجاما مع رؤية السعودية 2030 تتخلص الوزارة من النفط والتكرير والغاز والتصدير، نحو كيفية استثمار أضخم مجمع متكامل للألومنيوم في العالم من المنجم إلى مجالات التصنيع النهائية، التي تشمل منتجات عالية التقنية والجودة، مثل صناعة أجزاء السيارات، التغليف، التشييد، والبناء. ومن مدينة وعد الشمال للصناعات الفوسفاتية، والبوكسايت إلى اقتصاديات الطاقة، الكبريت، وتدريب الشباب السعودي للعمل في هذه المشاريع، وإعطاء القطاع الخاص السعودي فرصا أكبر في الدخول في الصناعات التكميلية. إذ سيكون أمام العالم ثروات الفوسفات والبوكسايت من الشمال السعودي، وإنتاج الأسمدة والألومنيوم، لتصبح المملكة واحدة من أهم الدول المنتجة والمصدرة للأسمدة في العالم. واليوم مع مسمى الوزارة الجديدة تقدّر احتياطات البترول الثابتة في السعودية بنحو 267 بليون برميل، ومعدل الإنتاج يبلغ 9.5 مليون برميل يوميا. وكما حدث في الماضي، فقد ساعدت القدرة الإنتاجية الفائضة للنفط على استمرار استقرار السوق البترولية، وذلك بضخ المزيد من البترول في حالات نقص الإمدادات، أو ارتفاع الطلب بصورة غير متوقعة. إذ تتسق السياسة البترولية للمملكة مع نهجها المعتدل والمتوازن الذي يراعي مصالح جميع الأطراف والقوى ويوازن بين الحاضر والمستقبل. وتسعى سياسة السعودية البترولية إلى استقرار أسواق البترول بالموازنة بين العرض والطلب اعتمادا على ما تملكه من احتياطيات ضخمة، وطاقة إنتاجية عالية، وطاقة فائضة، تمكنها من تلبية الطلب العالمي خلال المواسم المختلفة، وعند حدوث أي نقص في الإمدادات في السوق البترولية الدولية؛ لضمان توافر كميات كافية من البترول الخام في السوق الدولية، مع تفادي وجود فائض في العرض قد يؤدي إلى انهيار الأسعار في الأسواق التي تسعى السعودية إلى المحافظة على استقرارها، وتجنيبها التقلبات الحادة سواء في الأسعار، أو في مستوى الطلب. أما اليوم بعد 496920 ساعة من الإنتاج والتكرير تتحول السعودية من حالة إدمان نفطية عاشت بها 82 عاما إلى اقتصاد لا يمثل النفط فيه أكثر من 50%، أما باقي الإيرادات فهي «عقل الإنسان»، وسواعد شباب الوطن ووعيهم وجهدهم، وقدرتهم على الابتكار والإنجاز. ومن خلال رؤية «السعودية 2030» ستزيد الإيرادات الحكومية غير النفطية من 163 مليارا إلى تريليون ريال سنويا؛ بعد تفعيل رؤية اقتصاد مزدهر، ومجتمع حيوي، ووطن طموح، من خلال رفع نسبة الصادرات غير النفطية من 16% إلى 50% على الأقل من إجمالي الناتج المحلي غير النفطي، والوصول بمساهمة القطاع الخاص في إجمالي الناتج المحلي من 40% إلى 65%، ورفع نسبة الاستثمارات الأجنبية المباشرة من إجمالي الناتج المحلي.