ليس من البعيد -كما يبدو- أن يصرخ أستاذ الجيولوجيا في جامعة الملك سعود ومستشار النفط سابقا في شركة أرامكو الدكتور عبدالعزيز بن لعبون، مرددا «أوريكا.. أوريكا» وتعني بالعربية «وجدتها.. وجدتها» لعثوره على سر جديد يظن أنه قد يفك شيفرة أهرامات الفراعنة وأصل تشييدها، وذلك في منطقة العفجة الواقعة بالقرب من محافظة الخرج (وسط السعودية)، وذلك كما فعل العالم الصقلي أرخميدس عندما اكتشف قاعدة الطفو وهو ينعم بحمامه في منزله. إذ يقول العالم الجيولوجي بن لعبون خلال حديثه إلى «عكاظ» إنه طيلة رحلات عمله الميدانية التي قطعها في جميع أنحاء السعودية تقريبا، لم ير مثل تلك المدافن التي عثر عليها في منطقة العفجة الواقعة تحديدا بين الرياضوالخرج، كما أنها لا تشابه مدافن دلمون الموجودة في البحرين، وذلك لأنها تتكون من منشآت حجرية مرصوفة ومرتبة بطريقة بالغة الغرابة، إذ إن أغلبها تحتوي على مذيلات مضافا عليها دوائر ولها مصطبة، أي يوجد من بينها قبور مكونة من ثلاث دوائر وكل دائرة تعلوها دائرة أصغر منها وذات سمك كبير. ويفيد بأن الإنسان في الجزيرة العربية هو من بنى هذه المدافن ووضع فيها موتاه وحيواناته التي يمتلكها، وتتميز المدافن كونها نادرة الوجود في جزيرة العرب، ما يشير إلى أن إنسان جزيرة العرب هو منشأ الحضارة في الشرق الأوسط، ما يعني أن حضارة وادي الرافدين وكذلك حضارة الفراعنة تعود إليه، لافتا إلى أن المدافن الدائرية هي أساس فكرة مدافن أور في العراق والتي تسمى «الزقورات» وهي عبارة عن مدافن مربعة تعلوها مربعات تصغرها في الحجم، ومن ثم تطورت لدى الحضارة الفرعونية لتتحول إلى مدافن هرمية. ويوضح بن لعبون أنه عمل على إنقاذ الجبل الذي يحتوي على مدافن أثرية من خلال شرائه، وذلك بعد أن عملت بلدية محافظة الخرج على تقطيع المنطقة بأكملها وبيعها كعقارات للمواطنين، ما تسبب في اندثار كثير من الآثار وغياب معالمها بسبب بناء استراحات ووحدات سكنية عليها. ويبين بأنه توجه بعد شرائها إلى كلية السياحة والآثار بجامعة الملك سعود في الرياض لدعوتهم إلى دراسة الموقع، وتم تكوين فريق تنقيب بدعم جامعة الملك عبدالعزيز بجدة، ليكتشفوا بأن عمر المدافن نحو 5000 سنة، كما وجدوا بها مقتنيات وهي عبارة عن رماح، خرز، عظام، وأدوات أخرى، وذلك في عام 1425، مشيرا إلى أنه من نتائج البحوث العلمية التي أجريت على الموقع ما يفيد بأن المدافن تعود لأقوام عاشوا في العصر الحديدي والحجري وذلك قبل 5000 سنة. وأضاف أن الجبل الذي توجد فيه المدافن تقدر مساحته بنحو 7 كيلومترات، وهو جل ما تبقى من المواقع الأثرية في العفجة التي بنيت عليها الوحدات السكنية التي تقدر مساحتها بنحو 150 ألف متر مربع، لافتا إلى أنه مازال هناك احتمال كبير لوجود آثار أخرى في الموقع في حال تم التنقيب مجددا. وينتظر بن لعبون تحركات الجهات المعنية والمختصين في السعودية للعمل على المنطقة وتهيئتها واكتشاف مدخراتها، مرجحا بشكل كبير دخولها في قائمة اليونيسكو للتراث العالمي.