لم تترك القمة الإسلامية المنعقدة في اسطنبول أخيرا قناعا تستر به إيران مشاريعها السوداء في المنطقة إلا وأحرقته بإجماع إسلامي على ما جاء في كلمة خادم الحرمين الشريفين التي اشتملت بشكل محكم ودقيق على أهم تطلعات دول العالم الإسلامي باستثناء تطلعات ومشاريع دولة الميليشيات المسلحة التي تقتات على إثارة الفتن الطائفية والتدخل في شؤون الدول الأخرى طمعا في بسط النفوذ بهوس يخترق كل الأعراف السياسية والأخلاقية، وهذا بالضبط ما تفعله حكومة طهران منذ سنوات حتى استدعى ذلك التحرك لردع عصاباتها عسكريا في اليمن على يد التحالف الذي تقوده المملكة العربية السعودية «آخر قلاع الأمة الإسلامية الحصينة في وجه جنون دولة الملالي». ذهب «روحاني» وفريقه إلى إسطنبول على أمل استمالة بعض الدول لعرقلة مسار الإجماع الإسلامي على إدانة مشاريع دولته الهستيرية، لكنه تلقى صدمة لن ينساها إذ نجحت الدبلوماسية السعودية في جمع الأمة على رفض ممارسات إيران والتكاتف لإحراق الأقنعة التي تستتر بها، ما جعله ينسحب مع الوفد المرافق له من الجلسة الختامية خلال تلاوة البيان اعتراضا على الإدانات التي صفعت جهوده وقطعت آخر حبل يمكن أن يتعلق به فريقه للخروج من هذه القمة بأقل الخسائر الممكنة. أدانت الأمة الإسلامية بمشاركة ممثلي ما يزيد على 50 دولة في إسطنبول تدخلات إيران في الشؤون الداخلية لدول المنطقة ودول أخرى أعضاء منها البحرين وسورية والصومال واليمن واستمرار دعمها للإرهاب، ورفضت بشكل صريح تحريض إيران وتدخلها في الشؤون الداخلية للمملكة العربية السعودية، معبرة عن استيائها من الاعتداءات التي تعرضت لها البعثات الدبلوماسية السعودية في طهران، واعتبرتها خرقا واضحا لاتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية واتفاقية فيينا للعلاقات القنصلية والقانون الدولي الذي يحمي حرمة البعثات الديبلوماسية مؤكدة ضرورة نبذ الأجندة الطائفية والمذهبية. داخل الدوائر الإيرانية يوصف ما حدث لطهران في قمة إسطنبول بالفشل السياسي الذريع وغير المسبوق تاريخيا للدبلوماسية التي تفاخر بأنها استطاعت التلاعب بالولايات المتحدة والدول الأوروبية خلال المفاوضات على مشروعها النووي.. خسرت هذه الدبلوماسية بين عشية وضحاها كل شيء ركضت إليه «إسلاميا» بعد القمة حتى باتت عودة إيران إلى الجسد الإسلامي مشروطة بتخلصها من كل مشاريعها العدائية دفعة واحدة بعد أن قضت عقودا في تمويلها وفعل كل شيء لخدمتها. اليوم حكومة روحاني في مأزق تاريخي مع الأمة الإسلامية بأجمعها من جهة ومع عقيدة تأسيس دولتها من جهة أخرى، فالمطلوب منها هو نفض ثيابها من الأساسيات التي تقوم عليها العقيدة الإيرانية التوسعية التي وضعها الخميني مع تأسيس الجمهورية.. عقيدة تصدير الثورة المهووسة بالمبادئ الطائفية وعقدة الاستعلاء الديني، أي أن الشروط التي ينبغي على طهران تنفيذها تعني فعليا تفريغ إيران من «إيران المرشد الأعلى»، وهذا المسمار الأخير في نعش سلطة الملالي. [email protected]