قدم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله - في كلمته خلال الدورة الثالثة عشرة لمنظمة التعاون الإسلامي في مدينة إسطنبول، يوم أمس، مفاتيح الحلول الواقعية لأزمات المنطقة، ابتداء من مكافحة الإرهاب ومرورا بالقضية الفلسطينية والأزمات القائمة في سورية وليبيا واليمن، وكانت كلمة الحق التي صدح بها في الدورة التي أطلق عليها مسمى «دورة الوحدة والتضامن من أجل العدالة والسلام» بمثابة خريطة طريق وبارقة أمل للخروج من الأزمات المشتعلة تباعا منذ فوضى ما سمي بالربيع العربي، وتضع العالم العربي والإسلامي أمام خط واضح لإنهاء هذه الأزمات، وإعادة الأمل للنهوض وتجاوز هذه المحن التي ألمت بأمتنا العربية والإسلامية. إذ قال الملك سلمان بصدق وشفافية: «إننا مطالبون بمعالجة قضايا أمتنا الإسلامية وفي مقدمتها إيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية، وفقا لمبادرة السلام العربية وقرارات الشرعية الدولية»، وتحدث عن إنهاء الأزمة السورية وفقا لمقررات جنيف 1 وقرار مجلس الأمن 2254، بالإضافة إلى ضرورة دعم الجهود القائمة لإنهاء الأزمة الليبية، وعلى صعيد الأزمة في اليمن، أوضح - حفظه الله - بأن المملكة تدعم الجهود المبذولة من الأممالمتحدة لإنجاح المشاورات التي ستعقد في الكويت، تنفيذا لقرار مجلس الأمن 2216. وحول ملف الإرهاب الذي اكتوى منه العالم شرقا وغربا، قال خادم الحرمين «إن واقعنا اليوم يحتم علينا الوقوف معا أكثر من أي وقت مضى لمحاربة آفة الإرهاب وحماية جيل الشباب من الهجمة الشرسة التي يتعرض لها والهادفة إلى إخراجه عن منهج الدين القويم والانقياد وراء من يعيثون في الأرض فسادا باسم الدين الذي هو منهم براء»، كاشفا بأن «ما يتعرض له عالمنا الإسلامي من صراعات وأزمات تتمثل في التدخل السافر في شؤون عدد من الدول الإسلامية وإحداث الفتن والانقسامات، وإثارة النعرات الطائفية والمذهبية واستخدام الميليشيات المسلحة لغرض زعزعة أمننا واستقرارنا لغرض بسط النفوذ والهيمنة يتطلب منا وقفة جادة لمنع تلك التدخلات وحفظ أمن وسلامة عالمنا الإسلامي». لقد أكدت كلمة الملك سلمان أنه قد بدأ بالعمل قبل القول، ولهذا سعى - حفظه الله - نحو تأسيس التحالف الإسلامي المكون من 39 دولة بقيادة المملكة لمحاربة الإرهاب على كافة الأصعدة وبشتى الوسائل، عسكريا وفكريا واقتصاديا وإعلاميا، ودلالات خطابه تؤكد على حقيقة الخطر الواقع على هذه الأمة نتيجة التدخلات القائمة من قبل جهات إقليمية وأياد خارجية تريد أن تعبث بأمننا واستقرارنا من خلال توظيف الخلافات المذهبية ونشر الفتن الطائفية لتحقيق مشاريعها التوسعية وبسط نفوذها في المنطقة. لذلك.. إن ما ذكره خادم الحرمين الشريفين بالأمس ما هو إلا حقيقة مجردة للواقع الذي نعيشه اليوم، والحلول التي طرحها لمعالجة الأزمات القائمة والمشتعلة تضعنا أمام المسار الصحيح الذي يعيد لنا الأمن والسلام في المنطقة، وفقا لرؤيته السياسية الواضحة داخليا وخارجيا، وأركانها مبادئ الشريعة الإسلامية، والوحدة الوطنية، والأمن والاستقرار، باعتبارها الأساس نحو التقدم والتنمية والرخاء، وهذه السياسة الحكيمة والجهود الكبيرة التي يبذلها خادم الحرمين الشريفين ساهمت في بناء وعي مشترك وتوافق في الرؤى بين المملكة والعديد من الدول العربية والإسلامية، يمهد لتجاوز الأزمات والفتن ودحر دابر المساعي الشيطانية لتدمير هذه الأمة وتشتيتها.