زيارات القيادة السعودية السياسية لا تصب في خانة المستغرب، إذ أن الرحلات المكوكية لدول الشرق والغرب دائمة الحضور، بل هي رغبة دائمة لإبقاء بلادهم في بؤرة الأحداث من أجل تحقيق المصلحة الوطنية. وكلما تحركت القيادة السعودية في زيارة لأي اتجاه نهضت الأقلام مستفسرة ومحللة عن الهدف، ولماذا في هذا التوقيت، وما أغراض الزيارة، وما الذي سبقها من تحضيرات، وما القضايا التي ستكون مجالا للحوار والتفاهم، وما الذي يمكن أن تخرج به الزيارة من اتفاقيات. لذلك تكون نتائج أي زيارة محدثة لردود أفعال متباينة، وكلما أثمرت تلك الزيارات عن اتفاقيات تصب في المصلحة الوطنية أصيبت الأقلام المحرضة على السعودية بخيبة أمل ولا ينفكون من خيباتهم إلا على زيارة جديدة ربما تكون منعشة لما يتمنون. والأجمل في هذه الزيارات تأكيدها على الموقف الاستقلالي للمملكة ونفي التبعية بأي صورة كانت خاصة وأن كثيرا من المواقف أثبتت فيها السعودية استقلالها لما تمتلكه من قوة اقتصادية وتحالفات أكسبتها القوة اللازمة من خلال مناصرتها للقضايا العربية أو الدولية. فالسياسة العقلانية المطبقة منذ فترة طويلة رفعت شعار البعد عن الضجيج أكسبتها حنكة وحكمة تبعدانها عن العجلة، وتجعل التريث وسيلة ناجعة لتوجيه السير .. وهذا النهج مكنها من الوقوف الصائب في كثير من القضايا. ففي حين كان المجادلون يملؤون الفضاء كلاما كانت المملكة تصنع لنفسها قارب نجاة من كل ما يثار على أرضية الواقع من تأزمات وتوترات أو ما كان يخطط له من قبل القوى المختلفة. وخلال فترات زمنية متعاقبة كانت السياسة السعودية محل رضا شعبها خصوصا إذا تكشفت حقائق لم تكن حاضرة عند اتخاذ القرار السياسي. ومن خلال زيارة القيادات السعودية لأكثر من دولة يمكن القول إنها أفرزت اتفاقيات مختلفة في جانبها السياسي والاقتصادي والأمني والسياحي.. وفي كل منها أظهرت السعودية قوة مكنتها من عقد اتفاقيات تحقق الصالح العام آنيا ومستقبليا، باحثة لنفسها عن امتدادات لتحقيق قوتها الإقليمية والدولية بما يؤكد على أنها دولة محورية في السلم والحرب. وإن كان من لوم لهذه الإنجازات السياسية فهو لوم يتعرش بالإعلام والكتاب السعوديين الذين لم يصلوا إلى مكانة تقديم منجزهم السياسي كما يجب، ومنذ زمن ونحن نقف مشاهدين لكل إنجازاتنا السياسية ونتلقى الكلام المثار من غير أن تتحرك الأقلام وتجلي الحقائق عما يثار حيال أي موقف سياسي تتخذه المملكة.