سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
"الحارثي" يربط التقارب السعودي مع روسيا بالتوجُّه لبناء شراكات مع القوى المؤثرة قال: المملكة تتحرك بإيقاع سياسي يرتبط ببناء مصالح وعلاقات مع دول العالم
أوضح الكاتب محمد فهد الحارثي أن التحرك السياسي السعودي الدولي يتجه لفتح آفاق جديدة مع القوى المؤثرة في العالم، وأن السعودية تتحرك بلغة المصالح، وتفرض نفسها كدولة مؤثرة ولها اقتصاد ضخم وعضو في مجموعة العشرين. وقال في مقال له إن زيارة الأمير محمد بن سلمان لروسيا أعطت رسالة واضحة أن السعودية تتحرك بإيقاع سياسي يرتبط ببناء مصالح وعلاقات مع دول العالم، تسهم في خدمة وتنمية الاقتصاد، وفي الوقت نفسه تقود إلى تقارب سياسي بفعل تقارب المصالح.
وأشار "الحارثي" - وهو رئيس تحرير جريدة عرب نيوز - إلى أن السياسة السعودية لها ثوابت راسخة ومعروفة، أكسبتها احترام العالم وثقة الدول في العمق السياسي للرياض، لكنها في الوقت نفسه تتجدد في الأسلوب والممارسة والأدوات السياسية التي عكستها القيادة السعودية الجديدة، وجذبت انتباه واحترام العالم. وأوضح أن روسيا التي تواجه مقاطعة اقتصادية من الدول الغربية حريصة على مد الجسور مع دول مهمة، تستطيع أن تكون معها شراكات اقتصادية قوية. والأمير محمد بن سلمان الذي استطاع أن يصنع زيارة ناجحة بكل المقاييس، ويكسب احترام الروس بحضوره في الطرح والحوار، أكد للقيادة الروسية جدية السعوديين في نقل العلاقة مع روسيا إلى مرحلة جديدة، تخدم شعوب البلدين.
واستبعد "الحارثي" أن تكون هذه الشراكات الاستراتيجية التي تنسجها السعودية مع القوى الكبرى في العالم هي بديل لعلاقاتها مع الولاياتالمتحدة، لكنه أشار إلى أن الأسلوب السياسي للقيادة السعودية هو الانفتاح على العالم، وبناء مصالح مشتركة، ومد الجسور مع الشرق والغرب في الوقت نفسه.. ووصفه الكاتب بأنه فكر سياسي سعودي متطور. وقال إن السياسة السعودية لديها قيم ثابتة، لكنها متجددة في الفكر والأسلوب، تتعامل مع المعطيات بالواقعية وفن الممكن، وتدرك أن المصالح هي التي تقرب الدول، وهي تستند إلى معطيات قوية، تمنحها فرصة بتحقيق منافع اقتصادية لها، وفي الوقت نفسه مقتنعة بأن الاقتصاد سيقود السياسة في نهاية المطاف، أي أن السياسة السعودية تستند إلى البراغماتية السياسية التي تجعل إيقاع الحركة لديها أسرع وأقوى في التأثير.
وتساءل "الحارثي": لماذا السعوديون في روسيا.. الآن؟ وأجاب: في سانت بيترسبيرج في روسيا كانت السعودية حاضرة بقوة الأسبوع الماضي. ورغم ضخامة المؤتمر الاقتصادي الذي كان يعقد هناك بحضور المئات من المسؤولين ورجال الأعمال في العالم إلا أن زيارة الأمير محمد بن سلمان، ولي ولي العهد السعودي وزير الدفاع، الذي رافقه فيها وفد عالي المستوى ومجموعة من رجال الأعمال السعوديين، كانت محل اهتمام واضح من المسؤولين الروس والإعلام الروسي. وأضاف: السعودية ترفع من إيقاع العمل السياسي، وتضع مصالحها بقوة على طاولة المفاوضات. ولم يكن غريباً هذا التوجُّه السعودي إلى روسيا؛ فالعلاقة التي شابها الفتور السنوات الماضية كانت تحتاج إلى دفعة جديدة، تمنح الفرصة لعلاقة إيجابية بين الطرفين.
وأوضح: كانت المكالمة الهاتفية بين خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز والرئيس فلاديمير بوتين في 20 إبريل الماضي مؤشراً إلى أن الدفء في العلاقات الثنائية بدأ يعود بين البلدين. وجاءت الزيارة الأخيرة كتدشين واضح لمرحلة جديدة من العلاقات الثنائية بين البلدين.
وبيّن: الأمير محمد بن سلمان كان صريحاً في مباحثاته مع بوتين في اجتماعهما الذي استغرق أكثر من الوقت المحدد له، وركز على تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين باعتبارها البوابة لصناعة تقارب استراتيجي يخدم شعوب البلدين، ويمهد الطريق لمواقف سياسية مشتركة في القضايا الإقليمية. وهو يعكس الأسلوب السياسي للقيادة السعودية؛ فالانفتاح على العالم وبناء مصالح مشتركة ومد الجسور مع الشرق والغرب هو فكر سياسي سعودي متطور، يتضح من خلال الممارسات للدبلوماسية السعودية.
وتابع: السياسة في فكر القيادة السعودية هي خدمة مصالح الدولة أولاً، وفتح آفاق جديدة؛ فالعالم الآن يتجه ويتحرك بلغة المصالح، والسعودية لديها موارد ضخمة واحترام عالمي، وهي تحتضن الحرمين الشريفين، كما أنها تلعب دوراً قيادياً في المنطقة. ومن خلال هذا التوجه تتحاور مع الآخرين من منطلق القوة والندية، وتحقق مصالح لطرفها وللطرف الآخر. وهذا مفهوم السياسة.
وأردف: فالسياسة السعودية لها ثوابت راسخة ومعروفة، أكسبتها احترام العالم وثقة الدول في العمق السياسي للرياض. وفي الوقت نفسه هي تتجدد في الأسلوب والممارسة والأدوات السياسية التي عكستها القيادة السعودية الجديدة، وجذبت انتباه واحترام العالم.
وذكر: كان كثير من الصحفيين الروس الذين التقيناهم أثناء الزيارة في سانت بيترسبيرغ يسألون: ما هو التغيير الجديد في السعودية؟ فخلال الأشهر الأربعة الأولى من تولي الملك سلمان الحكم تقود السعودية تحالفاً دولياً نادراً لدعم الشرعية في اليمن، وتنجح في حشد تأييد سياسي غير مسبوق من دول العالم للعمل العسكري. وفي الوقت نفسه تنفتح سياسياً على دول العالم، وتفرض الصوت السعودي في عواصم العالم باستقلالية ووضوح.
وواصل: الجواب أن السياسة السعودية لديها قيم ثابتة، لكنها متجددة في الفكر والأسلوب، تتعامل مع المعطيات بالواقعية وفن الممكن، وتدرك أن المصالح هي التي تقرب الدول، وهي تستند إلى معطيات قوية، تمنحها فرصة بتحقيق منافع اقتصادية لها، وفي الوقت نفسه مقتنعة بأن الاقتصاد سيقود السياسة في نهاية المطاف، أي أن السياسة السعودية تستند إلى البراجماتية السياسية التي تجعل إيقاع الحركة لديها أسرع وأقوى في التأثير.
وأكمل: هذه الممارسة السياسية هي التي تنطلق من فكر سياسي، وتستند إلى محاور لتحقيق المصالح العليا للدولة، وتتجه إلى ترسيخ العلاقات الدولية، وتحقيق التوازن، وبناء شراكات استراتيجية واسعة، تصب في مصلحة الدولة ومواطنيها في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والتنموية وغيرها.
وأكد: هذا هو الهدف الأساسي للسياسة، بينما دول أخرى تمارس السياسة كوسيلة للاستعراض والتوسع من أجل مطامع دفينة، واستنزاف مصالح شعوبها في حروب بالوكالة في أكثر من جهة، بينما شعوبها تعاني الفقر والمعاناة والكبت. وأبان: السعودية واضحة في هذا المجال. السياسة من أجل مصلحة المواطنين؛ ولهذا اصطحب الأمير محمد معه وفداً مهماً من الوزراء، أثمر توقيع ست اتفاقيات مهمة، كلها تدور في خدمة التصنيع والإسكان والزراعة والطاقة وعلوم الفضاء والاستثمار.
ولفت: ورغم أن اتفاقية مشاركة التقنية الروسية في بناء 16 مفاعلاً نووياً للأغراض السلمية استحوذت على اهتمام الإعلام إلا أن الاتفاقيات الأخرى مهمة، وستفتح المجال لتعاون سعودي روسي غير مسبوق كما وصفها يوري أوشاكوف مساعد الرئيس الروسي للشؤون الخارجية.
وأردف: وروسيا التي تواجه مقاطعة اقتصادية من الدول الغربية حريصة على مد الجسور مع دول مهمة، تستطيع أن تكون معها شراكات اقتصادية قوية. والأمير محمد بن سلمان الذي استطاع أن يصنع زيارة ناجحة بكل المقاييس، ويكسب احترام الروس بحضوره وشفافيته في الطرح والحوار، أكد للقيادة الروسية جدية السعوديين في نقل العلاقة مع روسيا إلى مرحلة جديدة، تخدم شعوب البلدين. فلسفة السياسة السعودية كما يراها الأمير محمد بن سلمان أن العلاقات الإيجابية والمصالح المتبادلة هي التي تمنح السياسة الدفعة والزخم المطلوب لتحقيق التقارب. وهو يرى أن العلاقة الإيجابية مع طرف لا تعني بالضرورة أنها على حساب طرف آخر. فكما يصف الولاياتالمتحدة بأنها حليف قوي وصديق دائم يرى أن روسيا علاقة ذات إمكانات نمو هائلة، لم تستثمر بعد؛ ولذلك يترقب كثيرون نقلة نوعية في العلاقات الثنائية السعودية الروسية، سوف تقود إلى مصالح تتجاوز الاقتصاد؛ لتشمل السياسة، وتتسع مساحتها لتتجاوز السعودية إلى القضايا الإقليمية العربية.