زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز إلى مصر، تمثل أهمية بالغة لتعزيز التعاون بين البلدين في مرحلة تتطلب التكاتف لمواجهة تحديات المنطقة، ومكافحة الإرهاب، وتوحيد الصف العربي، خصوصا أن البلدين هما ركيزتا هذه الأمة، وبجهودهما وتنسيقهما سيعود الاستقرار إلى منطقة الشرق الأوسط، كما أن وحدة الرؤى والمواقف بينهما تعد أحد العوامل المهمة لحفظ استقرار الأمة العربية بأكملها. تأتي الزيارة في أعقاب إعلان القاهرة الذي وقعه ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، مع الرئيس المصري، ويمثل رسالة قوية لدعاة الفتنة، فحواها أن الرياضوالقاهرة هما جناحا العالم العربي، ويعملان على تحقيق آمال الأمة في مستقبل أكثر وحدة وتماسكا ونماء، وذلك من خلال الشراكة الإستراتيجية والتعاون بينهما، كما أنهما قطبا العلاقات والتفاعلات في النظام الإقليمي العربي، ويراهن المراقبون على أن هذا التعاون سيبقى الدعامة الأقوى لبنية الأمة العربية. الزيارة تبعث برسالة واضحة للتعاون السعودي المصري وتوافق الرؤى في التحديات المشتركة ومواجهة الفتن الخارجية، ويتوقع أن تكون أكثر من بروتوكولية، ذات نتائج عملية تهدف لإحداث علاقات تفاعل حقيقية في المجالات السياسة والاقتصادية والأمنية. علاقات عصية على التشكيك هذه الزيارة تؤكد للعالم أجمع أن العلاقات السعودية المصرية تظل في أوج قوتها ومتانتها، عصية على أي محاولات اختراق وتخريب وتشكيك.. وتؤكد في الوقت نفسه أن أية مساع لتخريبها، سيكون مصيرها الفشل. وتظل علاقات الرياضوالقاهرة قطبا التفاعلات في النظام الإقليمي العربي، ولهما دورهما المؤثر في تعزيز التضامن العربي، وفي أول لقاء تاريخي للملك عبدالعزيز بالملك فاروق ملك مصر عام 1364 تم وضع السياسة الثابتة لمستقبل هذه العلاقات الثنائية، وشهدت تطورا بعد توقيع معاهدة الصداقة 1926، وفي 27 أكتوبر 1955 جرى توقيع اتفاقية دفاع مشترك بينهما، إذ أدرك الملك عبدالعزيز الأهمية الإستراتيجية للعلاقات المصرية - السعودية، وانتهى إلى مقولته الشهيرة «لا غنى للعرب عن مصر، ولا غنى لمصر عن العرب»، وفي 27 أكتوبر 1955 وقعت اتفاقية دفاع مشترك بين البلدين، وأثناء العدوان الثلاثي على مصر 1956 وقفت المملكة بكل ثقلها إلى جانب مصر في كل المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية. وتواصلت الزيارات المتبادلة بين القيادات السعودية والمصرية، ما يؤكد عمق العلاقات التاريخية بين البلدين، ففي 16/3/1987 زار خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض آنذاك، جمهورية مصر العربية لافتتاح معرض المملكة بين الأمس واليوم في القاهرة، وفي 28/2/2015 زار الرئيس عبدالفتاح السيسي المملكة، والتقى الملك سلمان وبحثا دعم العلاقات الثنائية، وفي 27/3/2015 زار الملك سلمان مصر، لحضور القمة العربية في دورتها ال26، وفي 10/11/2015 زار الرئيس السيسي المملكة للمشاركة في أعمال القمة الرابعة للدول العربية ودول أمريكا الجنوبية، وهكذا توالت زيارات مسؤولي البلدين. تطور العلاقات الاقتصادية واقتصاديا، تطورت العلاقات خلال فترة الثمانينات والتسعينات والسنوات الأربع الأولى من القرن الحالي، وتبوأت الاستثمارات السعودية المرتبة الأولى بين الدول العربية المستثمرة في مصر، والمرتبة الثانية على مستوى الاستثمارات العالمية، بقيمة تجاوزت 71 مليار جنيه مصري. وبلغ حجم استثمارات المملكة في مصر 5.777 مليار دولار بعدد شركات مؤسسة بلغ 3057 شركة خلال الفترة من 1/1/1970 حتى 31/12/2013، ويحتل القطاع الصناعي المرتبة الأولى باستثمارات تبلغ ملياري دولار، يليه القطاع الإنشائي باستثمارات تبلغ مليار دولار. الاستثمارات السياحية وتأتي الاستثمارات السياحية في المرتبة الثالثة ب933 مليون دولار من خلال 268 شركة، وتحل الاستثمارات في القطاع التمويلي في المرتبة الرابعة ب112 شركة باستثمارات 693 مليون دولار، تليها الاستثمارات الزراعية ثم الخدمية وقطاع الاتصالات وتقنية المعلومات. تعاون عسكري وسبق أن ساندت المملكة شقيقتها مصر في حرب فلسطين 1948، وحرب السويس 1956، ونكسة 1967، وحرب الاستنزاف، وحرب رمضان 1973، كما وقفت مصر مع المملكة في حرب تحرير الكويت 1991، وعاصفة الحزم 2015، وشاركت بفاعلية في التحالف الإسلامي ضد الإرهاب.