بعد تشكيل أول تحالف دولي الذي لعبت فيه السعودية دور حصان طروادة في سبتمبر عام 2014، ارتفعت حدة الإجراءات الأمنية على المستوى العالمي. ودمرت الضربات الجوية ضد تنظيم داعش في سورية والعراق البنية التحتية. ما دفع التنظيم إلى تطوير إستراتيجيته الإرهابية والخروج بقاعدة «فجر بحسب بلدك». بعد هذه الإستراتيجية لوحظت موجة كبيرة من التفجيرات من قبل إرهابيين يحملون جنسية الدولة التي ينتمون إليها، ووقعت عدة تفجيرات استهدفت مساجد في السعودية، وكذلك في بلجيكيا وفرنسا من بينها تفجير باريس الشهير العام الماضي. ولكن نظرا للخبرة المتقدمة للأجهزة الأمنية السعودية اضمحلت العمليات الإرهابية «المدروسة» واقتصرت على العمليات الفردية التي انتشرت بقتل أبناء العمومة وأفراد من القوى الأمنية «غدرا». وهذا يعكس فشل التنظيم في اختراق المنظومة الأمنية السعودية الصلبة.. لكن السؤال اليوم لماذا بلجيكا في عين العاصفة!؟ بعد مرور ما يقارب سنتين على تمدد داعش وإحكام سيطرته على المناطق الشرقية في سورية والغربية للعراق، توغل المهاجرون الأوروبيون وأصبحوا الأكثر سطوة من بقية المقاتلين الآخرين الأجانب، بل باتوا هم رأس الحربة في التنظيم خصوصا هؤلاء الذين يحملون الجنسية البلجيكية والفرنسية ويعيشون في أوروبا. هذا الأمر منح التنظيم حرية الحركة في الدول الأوروبية وارتكاب الأعمال الإرهابية. ومن وجهة نظر التنظيم «فإن الأعمال الإرهابية تقوي وضعه بين عناصره وتكسبه قوة في التأثير والتجنيد في الأوساط الأوروبية». وقد قسم التنظيم مهامه الداخلية على النحو التالي «المقاتلون العراقيون والسوريون للقتال على الجبهات والأجانب للتخطيط والتنفيذ للعمليات الإرهابية الخارجية». وثبت في الآونة الأخيرة كثافة الاتصال بين «وكر» العمليات في سورية والعراق وبين الخلايا النائمة في أوروبا وعلى وجه التحديد بلجيكا وفرنسا. والسؤال؟ ماذا أراده التنظيم من ما أسماها «غزوة بركسل» أمس الأول التي راح ضحيتها 34 قتيلا!؟ كان من بين الأهداف لهذه العملية، ضرب حلف الناتو الذي يتخذ من بروكسل مقرا له، بالإضافة إلى مقر الاتحاد الأوروربي والبرلمان الأوروبي، بسبب الدور الأوروبي المتنامي في عمليات التحالف الدولي. لكن الأهم من كل ذلك أن «هجمات بروكسل»، جاءت بعد تراجع سيطرة التنظيم على الأرض في سورية والعراق، وهذا يؤكد الغاية في رسالة رفع المعنويات لمقاتلي التنظيم والتعويض بخسارة الأرض وتفكك السيطرة بعمليات إرهابية في قلب أوروبا. وقد قالت صحيفة «الاندبندنت» البريطانية الأسبوع الماضي نقلا عن مسؤولين أمريكيين في التحالف الدولي، إن تنظيم «داعش» خسر 20 % من الأراضي التي استولى عليها في سورية، كما خسر 40 % من الأراضي التي يسيطر عليها في العراق. لقد جاءت عملية باريس في أكتوبر العام الماضي، بعد خسارة التنظيم في محافظة الأنبار، وكذلك جاءت عملية أنقرة ومدينة سروج التركية العام الماضي بعد الخسارة في تل أبيض، واليوم تأتي عملية بروكسل بعد التراجع الكبير على الأرض السورية والعراقية.