لم تكن الشاعرة والقاصة وئام غداس متأكدة من نيلها جائزة الشارقة للإبداع العربي عن مجموعتها القصصية «أمشي وأضحك كأني شجرة» إلا بعد إعلان ذلك قبل أيام من هذا اللقاء، تحدثت عن الشعراء والقاصين في مواقع التواصل الاجتماعي، وعلاقتها بالشعر السعودي في هذا الحوار: حضورك عبر الفيسبوك ملفت، ونصوصك النثرية تحذب الكثير من القراء، كيف ترين حضور الشعر في اللحظة الراهنة؟ هل أمسى محصورا في الفيسبوك؟ أم أن مساحاته لا يتسع لها سوى الفضاء الإلكتروني؟ أنا شاعرة فيسبوكية، نعم، أحب هذا وأصر عليه ولا أجد غضاضة في قوله مثلما يعتقد الكثيرون، بعض الناس عندما يرغبون اليوم بالتقليل من شأن هذا الكاتب أو ذاك يقول إنه «كاتب فيسبوكي» ويعني أن سهولة النشر والوصول في الفيسبوك أم جميع وسائل التواصل الأخرى سهلة جدا، يكفي أن تكتب ما شئت على صفحتك حتى يراك القاصي والداني ويقرؤك، قد تلقى الإعجاب والإشادة والدعم وربما حصلت على كل ما لا يحصل عليه الكاتب من إحاطة وتشجيع في الواقع الثقافي، تجد نفسك فجأة وقد حصدت جمهورا لولا الفيسبوك لما عرفك أحد، لكن لهذا مساوئ بالطبع لا يمكنني إنكار ذلك، هنالك تطاول اليوم على الشعر والنثر من كل من هب ودب، المجاملة مدمرة، وبعض النصوص هزيلة جدا، رغم ذلك تجد من يصفق لها، هنا المعضلة، هذا التلوث الذوقي العارم مع أنه صار عاما لا يقتصر على الأدب وحسب. الشعر في تونس ما هي حالته الصحية؟ هل أصيب بمرض عضال أم ما زال شابا أمام اكتساح الرواية؟ تونس بلد زاخر بالأصوات الشعرية الجدية والجميلة، نمتلك عددا كبيرا من الشعراء أصحاب المشاريع الفنية والإبداعية الحقيقية، لكن هنالك للأسف معضلة تكريس الأسماء المكرسة، الموجودون على الساحة اليوم، لا يحاولون النظر خارج دائرتهم الضيقة، كما لو أن الشعر يجب أن يبقى ويموت داخلها، التعامل بعقلية الشلل والأصدقاء والمعارف والعلاقات وتهميش البقية ولو على حساب النصوص الجيدة وهذا مفزع ومحزن، شخصيا لا يقلقني هذا حد إضحاكي في كثير من الأحيان، أنا مؤمنة ببساطة أن النص والمشروع الإبداعي الجيد هو الذي ينتصر في الأخير، وأن الشهرة والوجود لا يخلق كاتبا جيدا، من تريد خدمته أنصحه ليكون أفضل لا تزين له كتابته الرديئة، هذا ما يفضي جوا من النفاق والضحالة النصية وهذا ما يجعل حال الثقافة في تونس أو غيرها مصابة بالمرض العضال الذي تحدثت عنه، ولو خرجنا من دائرة المثقفين والكتاب فالشعر في المجتمع التونسي ترف، مجرد ترف، أمر ثانوي وبلا أية قيمة ولا تقدير للكاتب هاهنا أبدا. ما مدى تأثير الشعر الفرنسي وثقافته في ذهنية الشاعر التونسي؟ كالشعر العالمي عموما، تجارب مهمة من المفيد جدا الاطلاع عليها، هنالك جيل بأكمله من الشعراء اليوم في تونس يعيش تحولا جذريا عميقا بعد التأثر بتجارب محلية سابقة والانفتاح على تجارب عربية وعالمية من بينها الشعر الفرنسي لكنه رغم ذلك تمكن من خلق نصه خارج هذه النصوص ممعنا في تفرده والأخذ بمشاغله الخاصة وتأسيس لغته ومفرداته الفنية وصوره الخاصة به وحده. كيف ترين الشعر السعودي؟ وما هي الأسماء الملفتة من وجهك نظرك؟ التجربة السعودية الشعرية مهمة جدا وملفتة والمملكة العربية السعودية زاخرة بالأسماء المهمة على الصعيد العربي منذ وقت طويل، الشعر السعودي شعر عريق، والأجيال الجديدة فيه لا تنفصل عن جيل الشعراء في كامل العالم العربي من حيث الطاقة التجريبية الحريصة على التجديد شكلا ومضمونا، منذ وقت قصير أمكنني أيضا التعرف من خلال ملتقى قصيدة النثر بنابل تونس على الشاعر السعودي أحمد الملا ووجدته واحدا من أهم الأسماء العربية التي بإمكانها الذهاب بقصيدة النثر بعيدا جدا. بعد فوزك بجائزة الشارقة، يبدو أن ثمة تحفظات واجهتك حول ذلك، ما رأيك حول هذا؟ استغرب أشخاص كثر فوزي بالمركز الأول في جائزة الشارقة للإبداع العربي، هذا الاستغراب كان واضحاً لأني فزت بالمرتبة الأولى عن فئة القصة القصيرة، أغلب الناس لا تعرف أني أكتب القصة القصيرة إلى جانب الشعر، حتى أن بداياتي في الكتابة ومشاركاتي في الساحة الثقافية كان من خلال القصة فقط، كتبت الشعر بعد ذلك بكثير، بالنسبة لي لا أرى ضيرا أن تكون لكاتب المقدرة على عبور أجناس أدبية متعددة، هذا أمر في الواقع يتعلق بمدى حاجة الكاتب لفعل ذلك، النص يفرض نفسه. أسمع عن الجائزة منذ وقت طويل لكني لم أفكر يوما في المشاركة، هذه هي مشاركتي الأولى ليس في الشارقة فقط بل في مسابقة أدبية، أي جائزة بشكل مطلق، ومع شكي الدائم في كل ما أكتبه وعدم رضائي عنه، إلا أني كنت أشعر أن المجموعة جيدة، هذه المجموعة كانت مجرد أفكار لقصص في ذهني، قبل شهر واحد من انتهاء أجلِ التقديم، قررت المشاركة وبدأت في تحويل أفكار قصصي إلى الورق، ما عدا ثلاثة قصص كانت جاهزة قبل ذلك، سعيدة بالفوز جدا وبالمركز الأول، الجائزة هي دائما تقدير للكاتب واعتراف به، المجموعة القصصية «أمشي وأضحك كأني شجرة» تحتوي على 14 قصة قصيرة وتصدر خلال شهرين عن دائرة الثقافة والإعلام بالشارقة.