لم تؤثر نشأة إحسان عبدالقدوس المتناقضة بين بيت جده الأزهري ومنزل والدته الفنانة والصحفية روز اليوسف سلبا في مسيرة حياته، كواحد من أهم الكتاب والروائيين العرب، فهو الكاتب الجدلي الذي ملأ صيته الدنيا، كأول من تناول الحب البعيد عن العذرية، فيما وصف العقاد أعماله ب«أدب السرير»، معللا ذلك باحتوائها على إيحاءات خادشة، على رغم تحول معظمها إلى أفلام سينمائية ك«النظارة السوداء» و«أبي فوق الشجرة» وغيرها، ما اعتبر نقلة نوعية للرواية العربية التي انطلقت إلى العالمية. وعلى مدى نصف قرن كتب إحسان ما يزيد على 600 رواية وقصة، صورت أغلبها الفساد في المجتمع، بينما دافع عن كتاباته قائلا: «لست الكاتب الوحيد الذي كتب عن العلاقات الخاصة، فقد سبقني المازني وتوفيق الحكيم، ولكنني لم أضعف عندما هوجمت، لإيماني بمسؤوليتي ككاتب». ويعترف إحسان خريج حقوق القاهرة 1942 بأنه محامٍ فاشل لا يجيد المناقشة والحوار، ما دفعه لتوديع أحلامه في هذا المجال، إلا أنه حين بلغ 26 عاما رأس تحرير مجلة روز اليوسف التي أسستها أمه المتحدرة من أصول تركية لبنانية. ولإحسان رأي خاص في رصيفه اللدود صاحب نوبل إذ يقول: «مجاملة نجيب محفوظ للطبقة المخملية، وانغماسه فيما سُمى بالواقعية الاشتراكية التابعة للحزب آنذاك، رفعت أسهمه ليتصدر المشهد، أما أنا فقد كنت صريحا وجريئا، فكتبت دون مجاملة طبقة على حساب أخرى، إذ ناقشت في روايتي الشهيرة (شيء في صدري) الصراع بين المجتمع الرأسمالي والمجتمع الشعبي، ما أثار ضجة كبيرة حولي في العام 1958». اللغة غير المتقعرة التي كان يعتمدها إحسان في كتاباته كونه صحافيا قبل أن يكون أديبا، كانت وراء تعتيمه على أبناء جيله من الروائيين العرب، كما أن تناوله مشكلات الشباب بأسلوب سهل ساهم في انتشار أعماله، على رغم أنه ظل مثار جدل بين المحافظين التقليديين المؤدلجين، وبين محبي الانعتاق والتحرر من الوصاية. ولم يسلم إحسان من الاعتراضات على أعلى مستوى، إذ اعترض الرئيس المصري السابق جمال عبدالناصر على روايته البنات والصيف، فكان رده: «قصصي من وحي الواقع، بل إن الواقع أقبح من ذلك، وأنا أكتب أملا في إيجاد حلول للمشكلات». ودع إحسان الحياة في 12 يناير 1990 وهو الشهر نفسه الذي ولد في أوله في العام 1919 مخلفا وراءه أعمالا ناجحة، إلا أن دور النشر العربية تجاهلت إعادة طباعتها ونشرها أسوة بأبناء جيله نجيب محفوظ، ويوسف إدريس، وتوفيق الحكيم، ويحيى حقي.