انتفضت ليبيا ضد نظام معمر القذافي قبل خمس سنوات ووضعت حدا ل 42 سنة من الديكتاتورية، على أمل بناء ديموقراطية ودولة مؤسسات، لكنها غرقت بدل ذلك في الفوضى، ما فتح الباب أمام وصول تنظيم داعش الإرهابي وتحويلها لأرض معارك وسفك للدماء. وعلى الرغم من الإعلان عن تشكيل حكومة وفاق وطني، فإن الآمال ضئيلة بعودة الاستقرار إلى البلاد المفككة التي تتنازعها صراعات على السلطة ومعارك بين أطراف متعددة. في ساحة الشهداء في طرابلس، يرفرف علم «الثورة» الليبي بألوانه الحمراء والسوداء والخضراء استعدادا لإحياء ذكرى انطلاق «الثورة». في سرت الغنية بالنفط على بعد 450 كيلومترا شرقا من طرابلس وحوالى 300 كيلومتر من أوروبا، يعلو علم تنظيم داعش الأسود الأبنية وينتشر في الشوارع، بحسب ما أفادت تقارير عدة أخيرا. ويقول المحلل لودوفيكو كارلينو من مركز «آي إتش إس» للتحليل الأمني والاقتصادي إن «تنظيم داعش ينظر إلى ليبيا على أنها أفضل بلد لإقامة قاعدة إقليمية لخلافته المزعومة» .ويسيطر تنظيم داعش منذ يونيو الماضي على سرت مسقط راس القذافي . وحول التنظيم المتطرف سرت إلى «أرض للمعارك» ، بحسب ما يسميها في بياناته، وقاعدة يجند فيها المقاتلين الإرهابيين ، ويدرب عناصره على شن هجمات في دول أخرى. لكن جذور الخطر الإرهابي في ليبيا لا تنحصر ببروز تنظيم في بلد غرق في الفوضى الأمنية، بعدما لم تتمكن السلطات التي ورثت الحكم عن القذافي من نزع سلاح الجماعات التي قاتلت النظام السابق. ويوضح كارلينو في تقرير حول صعود الخطر الإرهابي في ليبيا أن هذا البلد يمثل «نقطة استقطاب مهمة بالنسبة إلى الساعين للإرهاب، حتى قبل تنظيم داعش». في الوقت ذاته، يضغط الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة لتشكيل حكومة وفاق وطني توحد السلطتين المتنازعتين على الحكم منذ أكثر من عام ونصف، قبل اتخاذ قرار حول طبيعة التدخل المحتمل في ليبيا. ويعترف المجتمع الدولي بالسلطات والبرلمان المستقرة في طبرق (شرق)، لكن يوجد في طرابلس برلمان مواز، «المؤتمر الوطني العام»، غير معترف به ويسيطر عليه تحالف جماعات مسلحة تحت مسمى «فجر ليبيا».