عندما صرح وزير خارجيتنا الشاب عادل الجبير أن الأسد سيخرج من السلطة إما سياسياً أو عسكرياً بادره أحد الصحفيين بسؤال عمن سيقوم بالعمل العسكري رد عليه الوزير بسرعة فائقة بكلمة: بتشوف!! تلك السرعة في الإجابة اتضح أنها لم تكن بداهة في رد بقدر ما كانت تمثل قمة جبل الجليد التي تخفي قاعدة ضخمة من العمل السياسي والعسكري الذي تعده المنظومة السعودية في القادم من الأيام!! وبدأت إرهاصاته الحقيقية بإعلان استعداد السعودية لإرسال قوات برية للأراضي العربية السورية، وفي غزل تحالف دولي وإسلامي للدخول إلى سورية الحبيبة والقضاء على شماعة داعش التي يتواطأ معها النظام السوري وحليفاه الإيراني والروسي إن لم يكونوا هم من صنعها. البعض يفسر تحولات الموقف السعودي بنظرية تحولها بقيادتها الشابة إلى سياسة الصقور.. وهؤلاء وإن كانوا محقين فإن للسياسة السعودية صقورها إلا أنهم لا يعرفون الإرث السعودي الذي لا يمكن أن يساوم على أمنه وأمن الحاجز العربي المحيط به.. فعلناها من قبل عام 73 دعماً لمصر في قرار قطع إمدادات البترول، وفي ثمانينات القرن الماضي وقفنا مع العراق لصد المد الإيراني، واستنفرنا المجهود الحربي والسياسي والاقتصادي في الكويت عام 90 وكذلك في البحرين عام 2011 وحالياً في اليمن 2015.. وستفعلها السعودية في سورية عبر حلف عربي إسلامي دولي!! العتيد سعود الفيصل رحمه الله قالها قبل مماته لسنا دعاة حرب ولكن إن قرعت طبولها.. فنحن لها!!.. هناك حروب عليك أن تتجنبها، وأخرى مصيرية لابد أن تخوضها أو تلوح بها، فإن لم تفعل فإنها ستنتقل إلى بيوتنا ومدننا!! وفي سورية هناك النظام البشع، وتدخل روسي، وحليف إيراني ومليشيات صفوية، وداعش إرهابية تحاول أن تخطف الصوت السني ولكنها تهدد السعودية فقط بل إن عملياتها تمددت للداخل السعودي بينما هي تتبادل القبلات مع إيران في العراق وسورية!! في سورية الحرب مصيرية، وصراع المصالح العالمية قائم، وداعش التي تحولت إلى قميص عثمان عند نظام بشار وروسيا وإيران.. هي نفسها داعش التي تسن حربتها ويرفع قميصها للانقضاض على أمننا وحدودنا..!! الموقف السعودي واضح نظام بشار هو أساس الإرهاب والأزمة في سورية، وعليه أن يرحل سياسياً وما عداه مجرد فسيفساء فرخها نظامه ولكن الروس لن يجبروه على الرحيل عبر المفاوضات دون أن يكون لدى السعودية وحلفائها خيار عسكري يلوحون به!! تجاهل الموقف في سورية يعني أننا سنجابه عما قريب وعلى حدودنا الشمالية بمليشيات داعش، وعصائب أهل الحق، وأبو الفضل وغيرها من المليشيات التي صنعتها إيران، وهذا يعني أننا سندخل حرب استنزاف ليست لها نهاية لا سمح الله!! هذا هو البديل المنتظر لو بقينا متفرجين، لذا فإن التحرك الآن سياسياً وعسكرياً، وعقد التحالفات، وإجراء أكبر المناورات العسكرية في تاريخ المنطقة إنما هو وضع تتخذ فيه كافة الاحتياطات لأجل حماية أمننا وأمن المنطقة العربية بأسرها.. وبمجرد إعلاننا عن الاستعداد للتدخل البري ضمن تحالف دولي وعربي وإسلامي للسعودية دور رئيس في نسج خطوطه وغزلها ثارت ثائرة الإيرانيين ونظام بشار الإرهابي، وبدأ الحديث من الروس عن الاستعداد لإيقاف إطلاق النار واستئناف المفاوضات السورية في جنيف. [email protected]