في أدبيات معالجة البطالة انصبت كل الطروحات على التوظيف في القطاع الخاص ولم تحتل مسألة الأجور حيزا يذكر في الذهنية الاقتصادية أو الجدل الاجتماعي الدائر؛ لأن العرض كان أكثر من الطلب وبنسبة مرتفعة خلاف أن هذا الميزان ذاته لا يميل لكفة السعوديين أساسا من حيث الأجور وثقافة العمل والانضباط الوظيفي. آخر دراسة أجراها البنك الدولي وفقا ل «الخليج أون لاين» أكدت أن متوسط رواتب السعوديين في هذا القطاع تبلغ 6400 ريال، في حين يرتفع هذا المتوسط إلى 15200 ريال لدى نظرائهم في دول خليجية أخرى. ورغم اتساع هذه الفجوة بين السعوديين وأقرانهم في بعض دول مجلس التعاون والتي تصل إلى أكثر من الضعف إلا أن «المنتدى الاقتصادي العالمي» في تقريره لعام 2014، أشار لفجوة أخرى بين راتب السعودي وزميلته السعودية حيث تقل هذه النسبة لدى السعوديات اللائي لا يحصلن إلا على نسبة 56 % من رواتب نظرائهن الذكور في حين ترتفع هذه النسبة 81 % في قطر و74 % في عمان و79 % في الإمارات. المتوسط السعودي في الأجور يتباعد مع الزمن عن نظيره العالمي، ففي حين يبلغ المتوسط عند الأوروبيين 15200 ريال نجد أنه لا يتجاوز ربع هذا المبلغ لدى السعوديين رغم أن المقارنة المطلقة والمجردة تعتبر مقارنة غير عادلة إلا إذا تم تناول كل العناصر التي تتقاطع مع الأجور في مجمل النظام الاقتصادي والاجتماعي العام. الإشكالية هنا أن لا أحد يطرح مسألة الأجور بحجمها الطبيعي إذا اعتبرنا أن البعض لا يتجاوز راتبه 2000 ريال رغم ارتفاع تكاليف المعيشة، وذلك في ظل هذه التهافت المتزايد على الوظيفة ذاتها وكيفما اتفق، ومعالجة هذه الإشكالية مسألة لا تتجزأ من معالجة البطالة؛ لأنها تجري في المدار الاقتصادي نفسه، ولا يمكن علاجها منفصلة عن البطالة أيضا، كما لا يمكن علاج البطالة منفصلة عن أسبابها ومكوناتها التاريخية واستكمال مسار الإصلاح البنيوي في جذور الاقتصاد وإطلاق إمكاناته الكامنة من عقالها، وتحرير سوق العمل الحكومي وحوكمته باعتباره يشكل السوق الظل لسوق العمل في القطاع الخاص.