رسم الحرفيون لوحة زاهية في مهرجان الجنادرية للتراث والثقافة في نسخته الثلاثين، عبر أجنحة عكست فن كل منطقة من مناطق المملكة، وروت إبداع الإنسان السعودي، وقدرته على تطويع الطبيعة وفق رغبته، بطريقة خطفت إعجاب الزائرين. فالجواهرجي خالد سلامة ومن جناح المدينةالمنورة يزاول الصياغة وتقديم المصنوعات من المجوهرات سواء الفيروز أو العقيق أو الأحجار الكريمة والسبح والخواتم، فهو امتهن هذه الحرفة أبا عن جد، وبات بارعا في تلبية رغبات الزوار، ويعيد بيع حجر جبل أحد وهي من الصيغ والمجوهرات القديمة. وبين العم علي جام والذي يبيع التوت البري وهو نوع من الحلوى قديما (يشبه الجلي الصناعي) أنه يقدم منتجه بطريقة تقليدية قديمة ويضيف ألوانا طبيعية سواء التوت أو الفيمتو أو غيرها من الألوان، لافتا إلى أن الحلوى التي يقدمها تتطلب طبخا على النار مدة ساعة كاملة قبل أن يتم تبريدها وتقديمها بعد إضافة الألوان الطبيعية عليها وتأكل بالملعقة. ويهتم الفاخرجي يوسف أبو لبن في ركن قصي من جناح المدينةالمنورة بصناعة الأشراب والأزيار والطواجن والحصالات من الطين، مبينا أن مهنته توفر جزءا من الأواني المنزلية والتي تستخدم في الطبخ وكذلك حفظ الماء، مضيفا إنه ورث هذه المهنة أبا عن جد. ويعمل سليمان الطاهر في جناح القصيم في صناعة الخوصيات والتي تصنع من سعف النخل وكذلك السفر والمحادر والقفة التي تستخدم قديما وكانت من أساسيات البيوت. وتخصص علي السعودي في صناعة الألعاب بأشكال مختلفة، مشيرا إلى أنه لا يزال هناك رواج لها على قدمها، مثل لعبة دنانة وورارة والشاشة ودواحة ونباطة وهي من الألعاب الشعبية القديمة التي يمارسها أبناء الحارة قديما وكانت هي المصدر الوحيد للتسلية والترويح عن النفس لدى الأطفال. ومن الحرفيين العاملين في جناح القصيم إبراهيم السويلم الذي يمتهن خرازة الروى والدلو والغرب وهي ما يشابه القرب التي تحوي المياه وكذلك الدلو الذي يستخرج به الماء من البئر وتصنع من المطاط الخاص بإطار السيارات، أو ما يسمى «اللستك». ويقول السويلم إن هذه المهنة لا يزال عليها إقبال من قبل المواطنين ومرتادي الجنادرية وتتحول لدى الأسر إلى مصدر للزينة في منازلهم واستراحاتهم وتضفي نوعاً من اللمسة التراثية في البيوت. وفي الطرف الآخر من قرية الجنادرية لا يزال جناح منطقة عسير يقف شامخا وعلامة فارقة، حيث كانت أعمال الاستعدادات قائمة على قدم وساق وكل من المشاركين يعمل على تجهيز محله قبل اليوم الرسمي للافتتاح أمام المواطنين. فجامع التراث العم علي الرزقان يعرض في الجناح التراثيات ومنها الأسلحة والأجهزة والعملات القديمة، لافتا إلى أن لديه العديد من العملات ومنها أول عملة ورقية صدرت في عهد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن رحمه الله وكانت تسمى بسند الحج وتصل قيمة العملة الورقية النظيفة منها إلى أكثر من 25 ألف ريال.