سوف استثمر خبر انتقاد أعضاء مجلس الشورى لوزارة الخارجية لتوضيح الصورة المشوشة للمملكة خارجيا، ولكن انتقادي ليس شبيها بما جاء به الخبر عن استغلال بعض القنصليات للمواطنين ماليا من خلال 15 ألف قضية.. لا، لن أتطرق لهذا القصور، وإنما سوف أركز على قصور أكثر فداحة قصرت فيه وزارة الخارجية وبقية المؤسسات المختلفة المعنية بمتابعة ما بذله البلد من مساعدات دولية خلال عقود من الزمن. هذا هو القصور الذي يجب الوقوف عنده كثيرا. خلال مسيرة الدول عبر الأزمان رست العلاقة الدولية على ممارسة أمور عديدة لاكتساب مواقع دولية في هيئة الأممالمتحدة والمحافل الدولية إظهارا للقوة واكتساب الأهمية والمناصرة، وكانت أهم وسيلة تقارب وجذب هي المساعدات الدولية والتي حلت محل الحروب كقوة نافذة في الاستقطاب.. وعادة يسخر لهذه المساعدات الدولية عناصر كثيرة لتحقيق غرضها من جذب ومناصرة وتأييد للدولة المانحة من قبل الدول المستفيدة، وأتصور أن قصورنا الشديد تمثل في هذا الجانب فبقيت وزارة الخارجية عند حد الإعلان عن تلك المساعدات من خلال خبر قصير ومبتور بينما غابت المتابعة عن تحقيق الهدف الرئيس من مساندة البلد في كل قضاياها المصيرية. ومع دخول المملكة -الآن- في ظروف متعددة من حرب وانخفاض أسعار النفط، ومرور المنطقة بتقويض أنظمة أو سعي لذلك كان لابد أن تظهر جدوى تلك المساعدات الدولية التي أغدقت فيها المملكة مليارات الدولارات لكي تكسب المناصرين والمؤيدين في المحافل الدولية من أجل تحقيق مصالحها الوطنية. والمساعدات الدولية يمكن تمريرها عبر المثل الشعبي (قرشك الأبيض يفيد في يومك الأسود) فلو لم نعلم بأن المساعدات الدولية ما هي إلا ادخار طويل الأجل فإن واقعنا الراهن سرع بزمنية معرفة ضخامة استثمارنا في استمالة العديد من الدول من خلال المساعدات الدولية الممنوحة.. ولأن التكتلات السياسية غدت جزءا ضروريا للتأييد أو المناصرة فقد أصبنا بالخذلان من بعض الدول، واكتشفنا أن كثيرا من القروش البيضاء انفقت في أرض بلقاء. ولأن القوة لها صور متعددة سواء كانت عسكرية أو اقتصادية فنحن لم نستثمر قوانا الاقتصادية بما تجعلنا في مأمن من غدر الغادرين أو تلون المتلونين... ولذلك أعتقد أن على مجلس الشورى انتقاد ذلك القصور الحاد بتوزيع الصور المشوهة للمملكة خارجيا من قبل كثير من الدول التي أكلت خبزنا وجحدت خيرنا.