تعد صناعة السياحة اليوم من أبرز الأنشطة الاقتصادية في العالم. وتعتمد كثير من دول العالم على هذه الصناعة بوصفها مصدرا أساسيا للدخل القومي، وعاملا معياريا في تحسين ميزان المدفوعات، وتوسيع قاعدة الاقتصاد الوطني، وتوفير فرص العمل وعاملا مهما للتنمية المستدامة على مستوى أقاليم ومحافظات البلد الواحد يساعد على تقليص الفوارق التنموية. وتتميز المملكة بوضعها الخاص في مجال السياحة لما حباها الله بالكثير من المقومات السياحية وخصوصية دينية وثقافية وتاريخية وعلاجية، كما يوجد عشرات المواقع الأخاذة بجمالها الذي يبهر الأنظار وستكون مصدر جذب للأجانب ويمكن تحويلها تجاه السياحة التجارية. وهناك شرائح سياحية معينة تأتي للمملكة وهم الحجاج والمعتمرون. وبالرغم من أن هناك مقومات وقطاعات سياحية متنوعة تتمثل في منطقة عسير والباحة وجدة والطائف ومناطق أخرى في المملكة، إلا القطاع السياحي في المملكة لم يحقق تطلعات السائح السعودي الذي أصبح يتمتع بخبرة كبيرة في اختيار البرامج السياحية خارج المملكة، وما أن تأتي الإجازات إلا ونجد آلاف السعوديين يسافرون للخارج، والبعض منهم يسافر إلى مكةالمكرمة والمدينة المنورة بغرض العمرة، كما أن السياحة الداخلية لم تستطع جذب العاملين غير السعوديين داخل المملكة، حيث يوجد في المملكة أكثر من 8 ملايين عامل أجنبي يقضون معظم عطلاتهم السنوية خارج المملكة، بالإضافة إلى أن الجذب السياحي من خارج المملكة ضعيف جدا، ولا يرتقي إلى مكانة المملكة نظرا لعدم توفر الخدمات والبرامج السياحية المحلية المناسبة للسائح الأجنبي ولعائلته وبالمستويات التي اعتاد عليها في الدول التي يسافر إليها خارج المملكة وبمستوى أسعار تتناسب وهذه الخدمة . وباستقراء إحصائيات المنظمة العالمية للسياحة نجد أن عدد السعوديين الذين يغادرون سنويا للسياحة الخارجية حوالى 4 ملايين سائح يقضون أكثر من 30 مليون ليلة سنويا ويبلغ إنفاقهم على السياحة الخارجية حوالى40 مليار ريال سنويا ، بينما يزور المملكة في نفس العام حوالى 7 ملايين سائح لإداء مناسك العمرة أو الحج يبلغ إجمالي إنفاقهم حوالى 7 مليارات ريال، أي أن العجز في الميزان السياحي حوالى 33 مليار ريال وهو مبلغ كبير جدا ولا يخدم أغراض التنمية في المملكة ويزيد من فجوة ميزان المدفوعات . ولهذا لابد من تكثيف جهود كل أجهزة الدولة المعنية والقطاع الخاص للنهوض بمستقبل السياحة الداخلية بهدف تنويع القاعدة الاقتصادية للمملكة ومعرفة نقاط الضعف وأسباب تفضيل معظم السعوديين السياحة الخارجية عن السياحة الداخلية ومعالجتها، وتوفير كافة التسهيلات التي من شأنها تفعيل السياحة الداخلية والعمل بجدية لاستقطاب السياح الداخليين وبالتالي السياح من الخارج . * عضو جمعية الاقتصاد السعودي