تاريخيا، لم ينجُ أي مبعوث أممي من الأممالمتحدة من نيران الأطراف المتصارعة، سيما تلك النزاعات التي تأخذ الطابع الأهلي والبعد الدولي والإقليمي كالأزمة السورية. ستيفان دي ميستورا منذ اللحظة الأولى التي تولى فيها الملف السوري بتفويض من الأممالمتحدة في الخامس من سبتمبر العام 2014 كان مستهدفا من كلا الطرفين. ما يزيد تعقيد مهمة دي ميستورا في المحرقة السورية، أنه خلف مبعوثين عتيدين؛ الأول كوفي عنان وضع نقاطه الست لحل الأزمة ونفذ بجلده من التشابكات المعقدة، أما الثاني «الأخضر الإبراهيمي» وضع خط الرجعة من البداية بقوله «إنها المهمة شبه المستحيلة»، وبين هذين المبعوثين جاء دي ميستورا على أنقاض مسار سياسي وعسكري واجتماعي مدمر فضلا عن اشتباك إقليمي ودولي حاد. اليوم.. على ما يبدو أن هناك مأزقا جديدا للمبعوث الدولي يكمن في مشكلة الأسماء لطرفي الصراع في سوريا، حين التقى دي ميستورا المعارضة السورية في الرياض الثلاثاء الماضي، طلب منهم أسماء الوفد المفاوض في مشاورات جنيف المرتقبة في 25 يناير المقبل، لكن المعارضة تحفظت على الأسماء إلى أن يقدم النظام أسماء وفده وقدمت تبريرا بذلك؛ أن النظام سوف يستخدم هذه الأسماء في تهم الإرهاب من أجل تعطيل المشاورات. غادر دي ميستورا الرياض دون أن يحصل على قائمة وفد المعارضة متجها إلى دمشق. النظام السوري -كعادته- أظهر الموافقة على المشاورات لكنه أعاد وضع العصى في عجلة المسار السياسي مشترطا أن يطلع على أسماء وفد المعارضة، وبالفعل كان ظن المعارضة في محله. بين «أزمة الأسماء» وغياب الثقة أصلا، بدأت أطراف المعارضة والنظام تحمل دي ميستورا مسؤولية التعطيل، ورغم بساطة الأمر وعدم جوهريتها مقارنة بحجم الأزمة، إلا أن النيران بدأت تحاصر دي ميستورا من كل حدب وصوب.. ولعله بإصرار النظام على الأسماء وعودته للتشدق بالإرهاب، فإن مهمة دي ميستورا تزداد تعقيدا في طريق الوصول إلى 25 يناير حيث يلتقي الضحية والجلاد.