قالت مصادر ديبلوماسية غربية ل «الحياة»، إن المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا، يسعى إلى الحصول على دعم مجلس الأمن لخطته إجراء مشاورات ثنائية مع جميع أطراف الأزمة السورية، المحليين والإقليميين والدوليين، خلال شهر أيار (مايو) المقبل، على أن يقدم تقريراً في ختام المشاورات للنظر في استئناف مفاوضات جنيف بين ممثلي النظام السوري والمعارضة. وتابعت أن دي ميستورا أجرى أمس الأول، محادثات في واشنطن للحصول على الدعم السياسي لخطته، قبل انتقاله إلى مجلس الأمن لتقديم تقرير سياسي عن تصوّره، والحصول على دعم الدول الأعضاء خصوصاً الدائمة العضوية في المجلس، مشيرة إلى أن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، طلب من المبعوث الدولي خلال لقائهما في شرم الشيخ، بحث فرص استئناف المسار السياسي المجمّد منذ فشل مفاوضات جنيف في بداية العام الماضي. وفشلت مفاوضات «جنيف-2» بسبب تمسّك وفد الحكومة السورية بالخوض في مكافحة الإرهاب، مقابل تمسّك وفد «الائتلاف الوطني السوري» المعارض ببحث بند تشكيل «هيئة الحكم الانتقالية بصلاحيات تنفيذية كاملة». ولم ينجح المبعوث الدولي السابق الأخضر الإبراهيمي، في عقد مفاوضات موازية حول الموضوعين، خصوصاً بعد عدم ممارسة الجانب الروسي ضغوطات على الوفد الحكومي في ضوء تأثير أزمة أوكرانيا. وسعى دي ميستورا بعد تسلّمه الملف السوري الصيف الماضي، إلى «تجميد القتال» بدءاً من حلب، لكن قوبل هذا المقترح من جانب دمشق بمفاوضات حول تفاصيل مختلفة، واقتراح «وقف القصف الثقيل على حلب لمدة ستة أسابيع»، مقابل رفض المعارضة لقاء المبعوث الدولي لاقتناعها ب «انحيازه» الى موقف النظام وإيران. وتزامن ذلك مع دعوة الخارجية الروسية إلى مشاورات بين معارضين سوريين ووفد الحكومة قاطعها «الائتلاف»، ودعوة الخارجية المصرية إلى مشاورات بين معارضين سوريين لا تشمل «الإخوان المسلمين» والنظام السوري. وقالت المصادر إن دي ميستورا يسعى الى «سحب البساط من تحت جميع المبادرات الأخرى، عبر عقد سلسلة من اللقاءات الثنائية مع جميع الأطراف المعنية، لبحث إمكانات استئناف المسار السياسي». وأعلن أحمد فوزي، الناطق باسم الأممالمتحدة في جنيف، أن المبعوث الدولي سيبدأ «مشاورات منفصلة» في الرابع من الشهر الجاري، سيشارك فيها ممثلو أو سفراء الأطراف المدعوة وخبراء، تستمر بين أربعة وستة أسابيع، وستجري في قصر الأممالمتحدة في جنيف. ولم يذكر فوزي أي تفاصيل عن الأطراف السورية التي دُعيت. لكنه أوضح أن المجموعات «الإرهابية» مثل «جبهة النصرة» و «الدولة الإسلامية» (داعش)، لم تُدع الى جنيف. لكنه أضاف: «سيحضر الذين لديهم علاقات معهم» و «يمكنهم الاتصال بهم». وتابع أن «الدعوات وُجهت إلى الأطراف المعنية، وفي المقام الأول الى السوريين وبالتأكيد الى الجهات الفاعلة الإقليمية والدولية». ويشمل هذا التصوّر، لقاء دي ميستورا وفريقه مع ممثلين للحكومة السورية وجميع أطياف المعارضة، بما فيها «الائتلاف» و «هيئة التنسيق الوطني للتغيير الديموقراطي»، وشخصيات سورية مستقلّة، إضافة إلى ممثلين من المجتمع المدني ورجال أعمال، ثم عقد لقاءات مع سفراء الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن، إضافة الى ممثلي الدول الإقليمية الفاعلة في الملف السوري. وأشارت المصادر إلى أن الهدف هو «الاستماع الى كل طرف عن تصوّره للحل السياسي وإمكانات حصول ذلك حالياً»، إضافة الى البحث في معالجة «الخلل» الذي كان موجوداً في «جنيف-2»، وكان يتعلق بأن «الائتلاف» احتكر تمثيل المعارضة ما يعني توسيع تمثيل المعارضة، وعدم استعداد النظام لبحث الملف السياسي ما يعني التمسك ب «بيان جنيف» كمرجعية، مع الأخذ بالاعتبار التهديدات الناتجة من بروز تنظيم «الدولة الإسلامية». وتابعت أن «الخلل» الثالث يتعلق بأن موسكو لم تمارس ضغوطاً على دمشق، «غير أن الإشارات تأتي من موسكو بأنها باتت أكثر استعداداً للضغط للوصول الى حل سياسي». لكن مصادر ديبلوماسية أخرى، أشارت الى «التعقيدات الإقليمية» الموجودة حالياً، التي يمكن أن تخيّم على مشاورات دي ميستورا المقبلة، إضافة الى الصراع العسكري الموجود على الأرض، خصوصاً بعد سيطرة المعارضة المسلّحة على مدينة إدلب، وخوض معارك إضافية لتحقيق تقدّم في الفترة الحالية في شمال غربي البلاد، بعد سيطرة المعارضة في جنوب البلاد على مواقع بينها معبر نصيب على الحدود مع الأردن. وفي ختام هذه المشاورات، يتوقع أن يرفع دي ميستورا تقريراً الى بان كي مون، يتضمّن مقترحات حول إمكان قيام الأمين العام بالدعوة الى عقد مؤتمر دولي - إقليمي، بحضور ممثلي الأطراف السورية أو من دون ذلك، لبحث احتمالات الوصول الى حل سياسي في سورية. ويرجح أن يتزامن ذلك مع الذكرى الثالثة لصدور بيان «جنيف-1» في نهاية حزيران (يونيو) 2012.