تعكس تصريحات ولي ولي العهد وزير الدفاع ورئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية الأمير محمد بن سلمان، أخيرا بشأن خفض معدل البطالة في السنوات المقبلة رغبة أكيدة في معالجة هذا الملف الهام، وإعادة للمبدأ القديم وهو أن «كل وظيفة يعمل بها وافد شاغرة لحين توفر البديل السعودي المناسب»، الذي لم يتم العمل به للأسف الشديد. ولا شك أن توقعات الأمير محمد بن سلمان عن البطالة وإمكانية اللجوء إلى الوظائف التى يشغلها أكثر من 10 ملايين وافد في حال عدم خفض معدلات البطالة، يعكس شعورا متناميا بأهمية البحث عن حلول دائمة للمشكلة وعدم الاكتفاء بالمسكنات، ولعل ذلك يبدأ بتأهيل الكوادر الوطنية وفق معايير عالمية لتكون مصدر جذب بالنسبة للقطاع الخاص، إذ لا يمكن الاعتماد بشكل مستمر على استجداء القطاع الخاص لتوظيف السعوديين تارة بالإغراءات المادية وأخرى بالعقوبات المختلفة. وفيما تشير الإحصاءات الرسمية إلى وجود 650 ألف سعودي عاطل عن العمل، تثور شكوك حول استيعاب القطاع الخاص سنويا 20 في المئة من الخريجين، بينما يظل البقية عاطلين من إجمالى 200 ألف خريج على الأقل من الجامعات والمعاهد سنويا، وعلى الرغم من عشرات القرارات التي صدرت لدعم التوطين إلا أنها لم تصمد على الإطلاق، ومنها إعطاء الأولوية فى المشاريع الحكومية للشركات الملتزمة بنسب التوطين، والقرار رقم 50 الذي يقضي بزيادة السعودة في الشركات بنسبة 5 في المئة سنويا، الذي لو تم الالتزام به منذ 10 سنوات وأكثر منذ صدوره لما عانت المملكة من هذه المشكلة الآن. وفي هذا الصدد يقول الاقتصادي الدكتور عبدالعزيز داغستاني: «مشكلة البطالة لا تعود إلى سنوات قليلة مضت، وإنما تعد نتاج سياسات مستمرة وأخطاء متراكمة منذ 30 عاما على الأقل، وترجع بشكل رئيس إلى عدم تربية الأبناء منذ سنوات مبكرة على حب العمل خاصة المهني؛ ما دعا البعض إلى اعتباره عيبا، وخسرت الدولة المليارات على إنشاء كليات ومعاهد مهنية دون أن يكون لها تأثير كبير في سوق العمل الذي يعاني من كثرة الوافدين وانخفاض أعداد السعوديين إلى 1,6 مليون مقابل 10 مليون وافد». وأشار داغستاني، إلى أن الأمير محمد بن سلمان، يستشعر أبعاد المشكلة التي تؤثر على الأمن الوطني والاقتصادي للمجتمع، لافتا إلى ضرورة وجود إرادة من الجميع لتوظيف مليون سعودي خلال عام على الأقل. واتفق معه في الرأي الدكتور حبيب الله التركستاني، الذي دعا إلى إطلاق حملة وطنية جادة لتوظيف السعوديين، لاسيما وأن الوافدين لا يتفوقون عليهم مهاريا، بعد أن كشفت الإحصاءات أن 70 في المئة من الوافدين في سوق العمل مؤهلاتهم العملية لا تزيد على الثانوية العامة، مطالبا وزارة العمل بضرورة تنفيذ توصيات مجلس الشورى للحد من البطالة، وتقليص الاستقدام من الخارج، موضحا أن نسبة الوافدين في المملكة التي تصل إلى 10 ملايين وافد كبيرة، منوها إلى تحسين مستوى الاستفادة منهم.