بما كنت أحلم البارحة.. ؟ استيقظت في ذلك اليوم فجأة، لا أعرف كم يوما كنت أغطّ فيها في سبات عميق .. كل ما أعرفه أن الشيطان قد دسَ تلك الدودة الخبيثة في رأسي، أنها تمتصّ كل شيء.. أنا لا أعرف من أنا .. و ماذا أعمل .. ولا لأي مكان سأذهب .. وتلك المرأة التي ترقد بجانبي لم أكن أعرفها، ذلك البيت، تلك الجدران، والصور التي تجمعني بأناس غرباء جدا يضعون أيديهم على كتفيّ، من أين لهم الجرأة لفعل ذلك؟.. لقد تسللت قبيل الفجر بهدوء لكي لا أوقظها، ذلك الشحوب الرمادي كان يشعرني بالخوف وكان ذلك الصوت في أعماقي يحثّني على الهرب "اهرب .. اهرب" لم أكن أعرف لما يتعيّن عليّ الهرب، ومن ماذا .. ولكنني التمست الطريق إلى الباب, ورحت اركض "اركض .. اركض ولا تلتفت إلى الوراء"، هذا ما كان يقوله لي الصوت، وهذا ما كنت أفعله. عندما نال مني التعب توقفت على ناصية الشارع، لمحت متشردا كان يقف متكئا على الجدار وفي حوزته علبة معدنية يرجها لتحدث صوتا رنانا يلفت انتباه المارة، ولكن لا أحد ينتبه لهؤلاء الذين اختاروا الوقوف على الهامش، ولكنني عندما وقعت عيناي على عينيه صدفة, لمعت عيناه وابتسم ابتسامة غامضة استوقفتني، لقد شعرت بالخوف وعرفت بأنه أحد هؤلاء المدسوسين الذين سيبلغون الشرطة ليلقوا بالقبض عليّ، يا إلهي هؤلاء الجواسيس يترصدونني في كل مكان، وسيلقون القبض عليّ ليزجَوا بي داخل أقبية السجون المظلمة، فريسة للجرذان الجائعة. لقد شلت قدماي، فتسمرت في مكاني، كان الرجل يقترب مني بمعطفه القذر وهو يرجّ تلك العلبة، تعلو شفتيه ابتسامة ساخرة, وبينما هو يتقدم نحوي أخذ يتضخم شيئا فشيئا، وصوت اصطكاك العملات المعدنية يعلو أكثر فأكثر، كانت يداه ممسكتين بأصفاد ثقيلة, وأطرافه تمتد وتطول، والأرض تهتز لوقع قدميه الثقيلة، عيناه مرعبتان تقدحان بالشرر، تبرز من زوايا فمه أنياب حادة، لقد كان الشيطان بعينه، ولو رأيتم ما رأيت لملئتم ذعرا وسقطتم في تلك الهوّة المظلمة بلا قرار. أنا لا أعرف ماذا حلمت البارحة ؟ ولكنني استيقظت في ذلك المكان المشؤوم، أسبح في بئر من الدماء، لقد كانت بقربي جثة هادئة وادعة، لرجل هزيل، رث الثياب، كان الناس متحلقين حولنا مثيرين جلبة كبيرة، وكنت أشعر بالفزع, أنا لا أعرف ماذا حدث, لم يكن عراكا أؤكد لكم ذلك .. لقد كنت أدافع عن نفسي، هؤلاء يتبعونني في كل مكان، ولكن مهلا .. أنا لم أقتل هذا الرجل، لقد قتلت الشيطان..!!