على الرغم من ذم القرآن الكريم والتوجيهات النبوية الشريفة للنميمة وللنمامين والتنديد بسلوكهم الاجتماعي الخطير الهدام، إلا أن النميمة منتشرة والنمامين يتكاثرون والآذان الكبيرة تفتح لهم وتصدق وترحب بما ينقلونه من أحاديث النميمة أو يختلقونه زاعمين أنهم سمعوه، من كلام يؤذي مشاعر الإنسان الذي نقل إليه ويملأ قلبه حقدا وغضبا على من نسب إليه ذلك الكلام! وقد تجد من يمارس النميمة في صورتها البسيطة وهو أن يسمع أو يدعي سماع كلام يسيء إلى شخص فيهرع نحوه ويدخل فمه في أذنه ويصب في رأسه ما سمعه أو ألفه وأدعى أنه سمعه من عبارات تسيء إلى ذلك الإنسان، ويكون هدف النمام من نميمته التقرب لمن نقل إليه النميمة أو الإيقاع بمن نسبها إليه أو الاثنين معا. وقد يكون ممارس النميمة من الدهاء بحيث يُوَطّئ لنميمته بسؤال «الضحية» سؤالا يورده ضمن كلام كثير ويكون ذلك السؤال على هيئة: على فكرة .. هل حصل بينك وبين فلان خلاف في الآونة الأخيرة؟ فإذا تعجب صاحبه من سؤاله نافيا وجود أي خلاف قريب أو بعيد، هز النمام رأسه وقال: لا لا فقط مجرد سؤال! فلا يستريح السامع حتى يطلب تفسيرا لسؤاله المباغت فيتمنع ويتنسك ويظهر الورع قليلا حتى تتهيأ أذن الضحية وقلبه لاستقبال النميمة، فيدلقها على رأسه مدعيا أنه ما كان يريد إخباره بما سمع لولا إصراره على ذلك! أما الأكثر دهاء فهو الذي إذا قابل صديقا له أو موظفا يعمل معه أو جارا من جيرانه وأخذ الاثنان بأطراف الحديث فإنه يفاجئ الآخر بقوله: هل تعرف فلانا، فإذا أجابه بأنه يعرفه، أردف الداهية النمام سؤاله بقوله: لقد سألته عنك فتبسم!، وعندها قد تشتغل مراوح الشيطان في ذهن من سمع تلك العبارة فيحدث نفسه بقوله: تبسم .. لماذا تبسم وماذا يعني أنه تبسم .. لا بد أن له في رأيا غير طيب، فتكبر المسألة في رأسه ويملأ الحقد قلبه بينما يكون قائل العبارة مستعدا للتملص منها في حالة مواجهته بها وأنه لم يقصد بها التفسير السيئ الذي وصل إليه من قالها له .. فكم عدد من حولكم من النمامين؟!