ليست المرة الأولى التي تعود فيها نساء الطائف من الانتخابات بلا حظ ولا نصيب، إذ إنهن خلال ستة أشهر فقط، فقدن فرصتين، الأولى في الحصول على مقعد لغرفة المحافظة، والثانية على مقعد في طاولة المجلس البلدي. ولأن المرأة في عدد من المدن الأخرى مثل جارتها جدة أو حتى مدركة، حضرت وبرزت متقدمة صفوف الكثير من الرجال الذين نافسوها على تلك المقاعد، أصبح «الخروج المر» لنساء الطائف من المنافستين، مثار العديد من التساؤلات، خاصة أنه «ضربتان في الرأس تؤلمان» كما يحلو الوصف لبعضهن. وبين صرخات المرأة في الطائف، لأنها «ضحية» غلو ثقافة الانتخاب في مجتمعها التي لا تبيح لها الخروج من المنزل للمشاركة في أي شأن عام، أو منحها الثقة للتعبير عن هموم الآخرين، وبين زئير الناخبين الرجال واستئسادهم بالمقاعد، يتضح الفارق رغم النتيجة الواحدة، والممثلة في خروجها بلا أي مقعد. ومن واقع التجربتين اللتين خاضتهما عبير نجاتي كمرشحة وحيدة للمرة الأولى منذ 40 عاما في انتخابات الغرفة بالمحافظة والمجلس البلدي، ولم تنجح فيهما، خلصت إلى أن «سبب إخفاق المرشحات يعود لعدم الإلمام بمفهوم الانتخابات، وكذلك حداثة التجربة بالنسبة لهن في إعداد الحملات الانتخابية، والعادات الاجتماعية والقبلية، التي أثرت في النتائج العامة للانتخابات وتوجهات الناخبين». ورغم الفخر الذي أبدته المرشحة الخاسرة خديجة عبدالله الغامدي -سيدة الأعمال- بمشاركتها في الانتخابات، إلا أنه يبقى لديها غصة في الحلق «إذ عانيت من البعض الذين نظروا إلي بريبة، والغريب أنها ليست من الرجال فقط بل من بعض النساء أيضا». وتضررت المرشحة من «الكثير من الفتاوى الغامضة التي حرمت التصويت للمرأة، حتى تسببت في تعرض لوحاتي الانتخابية إلى الكسر والإزالة من البعض»، لافتة إلى أنها مع ذلك تظل فخورة بهذه التجربة «لأنني استفدت منها الكثير واكتسبت المعرفة حول طبيعة العملية الانتخابية وما يسبقها من استعدادات». ويعترف رئيس مجلس إدارة غرفة الطائف الدكتور سامي العبيدي، أن التجربة الماضية كشفت القناع عن الانتخابات، «فرغم أن الدولة فتحت الفرصة والباب على مصراعيه لدخول ومشاركة المرأة، إلا أن هناك ثقافة لازالت غائبة، تنص على اختيار الأجدر بعيدا عن العادات والقبيلة». ويبدو أن هذا التشوه في العملية الانتخابية دفع العبيدي إلى التفكير مليا في إقامة برنامج خاص يعزز ثقافة الانتخابات لدى أهالي المحافظة، والغرفة عازمة على إعداد برنامج كامل يشرح هذا الأمر، عبر مختصين وخبراء في هذا المجال، وتطبيقه خلال الفترة المقبلة. ويرفض أستاذ التاريخ النقدي، وأحد مفكري الطائف الدكتور عائض الزهراني، غض الطرف على أن «غالبية الانتخابات سجلت لتكتلات قبلية وفيها تحكيم للعاطفة أكثر من العقل»، معتبرا أن وضع المرأة كمنافسة للرجل أبقاها خارج الحلبة،