أفرزت مذبحة باريس معطيات جديدة حول عولمة الصراع السوري والحرب ضد داعش، وجعلت الشعب الفرنسي يقف أمام هول الصدمة ليتساءل: هل فرنسا مستعدة لمثل هذه الحرب؟. لكن أكثر ما يلفت النظر في الرعب الذي وقع في ليلة الجمعة، هو ذاك الخطر الذي يداهم الشعوب في بلدانها، رغم كونها بعيدة عن مصدر الخطر.. وهنا يجدر أن نتذكر خطاب خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز عندما حذر منذ أكثر من عام من أن خطر الإرهاب سيمتد إلى أمريكا وأوروبا في حال لم يتحد العالم لمحاربته.. هذه المقولة التي رددها القاضي المختص في محاربة الإرهاب مارك تريفيديك قبل شهرين عندما قال: «أصبحنا أمام داعش العدو رقم واحد، والمملكة قد حذرت من خطرها الداهم ونحن اليوم أمام هذا الخطر». وقبل ثلاثة أسابيع من انعقاد قمة المناخ في باريس التي سيشارك فيها رؤساء الدول من جميع أنحاء العالم، وعشرات الآلاف من المشاركين في مسيرة للمناخ، تجري تفاصيل هذه المذبحة المروعة. وترهن اعتداءات باريس الكثير من السياسات تجاه الشرق الأوسط، وتطرح التساؤلات حول قوة وضعف الديمقراطيات الغربية فيما يتعلق بتعاطيها مع قضايا الشرق الأوسط. فتسارع الأحداث في منطقة الشرق الأوسط وتدخل الدب الروسي في سوريا، وإلغاء الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند مشاركته في قمة مجموعة العشرين في أنطاليا، والصعود الرهيب للتطرف، أعاد للذاكرة خلاف الطبقة السياسية الفرنسية حول قرارات الرئيس السابق نيكولاي ساركوزي وتدخله في بعض الدول، وأعاد أيضا الخلاف الذي أثير إثر قرار هولاند حول انضمامه للتحالف الدولي في مكافحة داعش.. لكن وقوف هذه الطبقة السياسية اليوم مع فرانسوا هولاند، في اتخاذ قرارات حاسمة لتجنيب البلاد الوقوع في الهاوية، يبقي السؤال مطروحا عما إذا كانت فرنسا ستعيد النظر في وجود قواتها بالشرق الأوسط وحول الذهاب لإيجاد حل سياسي للأزمة في سوريا. وقد تساءل وزير الداخلية الفرنسي برنارد كازنوف: لماذا لا نسأل ونحن نعيش السلام النسبي.. كيف وصلنا لهذا الطريق المسدود، ولماذا أصبحت الديمقراطيات في هذا العالم هشة للغاية، ولماذا نقبل بوجود مجانين يقتلون شعوبهم ويقتلون شعوب غيرهم؟. لم تتوقع الطبقة السياسية عواقب الهجمات التي تم التنبؤ بها، ولكن هل يتوقع أن يضغط الفرنسيون على فرانسوا هولاند للانسحاب من التحالف في سوريا والحرب ضد الإرهاب؟ كيف يمكن ربح معركة دون امتلاك أرض تلك المعركة التي يتواجد فيها ويتواجد في كل مكان... كما يقول السياسي الفرنسي فرانسوا فيون، فإن الكثير من السياسيين يوجهون اللوم اليوم لسياسة فرانسوا هولاند في الشرق الأوسط، والكثير ممن وقفوا ضد سياسته يقفون اليوم ويصرون على الحرب ضذ داعش والتسريع بحل الأزمة في سوريا برحيل الأسد.