حين نسمع الضجيج حولنا نظن أن أمرا مهما سيحدث ، وحين يرتفع الصخب في الطرقات نتوقع أن شيئا كبيرا سيقع .. وتبقى حقيقة مهمة هي أننا نعيش دوما بأسماعنا أكثر من أبصارنا .. فنحن نسمع ونسمع كل شيء .. عن كل شيء .. من كل شيء .. فيبرز مصطلح مهم يتبناه مجتمعنا وهو الطقطقة الذي احتوى الضجيج ، وتركّب من السخرية ، وتضمّن الاستغفال .. فدار معناه بين صوت كاذب ، وحركة ساخرة ، وبين قول واسع ، وفعل ضيق .. قبل أن نطقطق عليكم دعونا نرجع أصل الطقطقة لأصلها .. ففي المعاجم العربية يذكر .. أن (طَقْ): حكاية صْوت حجر وقع على حَجر، وإِن ضَوعف فيقال طَقَطَق .. ويذكر ابن سيده: طَقْ حكاية صوْت الحجر والحافر، والطَقَطَقة فعله مثل الدَّقْدقَة. ابن الأَعرابي: الطَقَطَقة صوْت قوائم الخيل على الأَرض الصُّلبْة.. وفي المعني الشعبي معنى كلمة يطقطق: يطقطق عليك أي: يسخر منك, يضحك الناس عليك, يتغابى عليك, يضحكك على نفسك . كثير من الذين حولنا وممن عرفنا ، وممن قرأنا عنهم .. في التاريخ .. في الماضي .. في الحاضر .. طقطقوا علينا .. تذكرت المتنبي الذي طقطق ما شاء بشعره ونفخ ذاته .. فكانت نهايته مخيبة .. وذكرت أفلاطون الذي طقطق علينا بنظراته وعبراته وفلسفاته عن المدينة الفاضلة التي لا وجود لها .. وكثير مثلهما عشقوا الطقطقة والدقدقة على مشاعر الآخرين وعبثوا بعواطفهم .. ومساحات صدورهم . الكل أصبح يطقطق علينا بما يريد ، وبما يكسب ، وبما يوهم فلا أحد يحاسب .. ولا احد يستطيع الصد والرد .. فداخت رؤوسنا من طقطقات هؤلاء وأولئك بلا فائدة وحين أردنا أن نأخذ حبة بندول لنرتاح وجدنا أن الشركة غيرته بطقطقة جديدة ورفعت سعره . كوسائل الإعلام بأنواعها ، والشبكات الاجتماعية المختلفة ، والتطبيقات المتعددة التي تطقطق علينا يوميا وتقذف علينا غثاء أخبارها ، وشائعاتها ، وبرامجها فلم نعد نعرف الحق من الباطل ، ولا الحقيقة من الخيال ، والصدق من الكذب .. وأولئك المسئولون الذين يطقطقون علينا غالبا بأن الأمور ممتازة ، وكل شيء على ما يرام ، وان لديهم تطويرا ، ومشاريع تم تنفيذها ومشاريع مستقبلية سيتم لها ذلك ، وأن لا أحد سبقهم بما قاموا به ، وانه لا ينقصهم شئ ، ولم يبخلوا بشيء ، وتابعوا كل شيء ، ولا فيه أحد يريد شيئا أو لديه مشكلة في جهته .. وهؤلاء التجار الذين يطقطقون علينا برفع الأسعار من خلال مبررات (مطقطقة) غير مقنعة فتورمت أيدينا من كثرة وثقل الدفع ومازالت طقطقتهم تزداد كلما أرادوا زيادة في الربح . ومثلهم العقاريون أسعار الأراضي انخفضت .. ارتفعت .. بتنخفض .. بترتفع .. وخلفهم وكالات السيارات الذين باعوا لنا سيارات مطقطقة كثيرا بأسعار تتضخم بدون سبب ولا مبرر إلا ما يقولونه وعلينا تصديقه. وأولئك المحللون الاقتصاديون الذين أيضا زادت طقطقتهم على الناس في تحليل مؤشرات الأسهم وسوقه الذي يطقطق علينا هو أيضا فلا نعرف له طرفا نمسكه. ختام القول: الكل أصبح يطقطق علينا بما يريد ، وبما يكسب ، وبما يوهم فلا أحد يحاسب .. ولا احد يستطيع الصد والرد .. فداخت رؤوسنا من طقطقات هؤلاء وأولئك بلا فائدة وحين أردنا أن نأخذ حبة بندول لنرتاح وجدنا أن الشركة غيرته بطقطقة جديدة ورفعت سعره .. T: @aziz_alyousef