ماذا لو كانت جراح الروح ظاهرة للعيان في ذات بقعة الجسد الملتهبة من الروح؟! ماذا لو تدلت عينا مشتاق من محجريهما، عينان حمراوان من فرط النظر للطريق علها تأتي بمن رحل، لكن الطريق أعلنت شللها عن الحركة لتتوقف الحياة عند النافذة وزيارة يومية للريح والبكاء، ذات العينين اللتين تنبئاننا بفجيعة الشوق. ماذا لو تفجرت الشفتان عند قبلة لم تكن وتحدرت دماء الانتظار الخثرة في وجه الوقت الذي لم يأت. ماذا لو طفحت دماء القلب المطعون من مسام الجلد، كذكرى عائمة لم تجد لها يابسا تجفف أوجاعها عليه، الأوجاع التي ما زالت خضراء غضة، ذات القلب الذي يقذف الخيانة المسددة في عمقه للخارج لكنها ما تلبث أن تعود لذات العمق، نسي أن الطعنة قد التصقت بلحم قلبه ولا سبيل للخلاص منها؟! ماذا لو خرق العظم يدا علقت في لحظة تلويح أخيرة، كيف ينبت العظم من تلك اليد المحلقة في الوداع ليستطيل حزنها ظانة أن التلويحة صارت أطول وقد وصلت لأفق الرحيل المشبع بالحمرة النازة من الجلد المتآكل؟! ماذا لو تأرجحت الكتف التي حملت الرؤوس في الليالي الرمادية، ذات الكتف التي خلعت من عبء رأسها الذي لم يجد له كتفا يحمله، فتدحرج على الأرض كقنبلة بصمامي أمان انشغلا بأغنية بعيدة ستتوقف الروح عن تكرارها بعد لحظات. ماذا لو شق اللسان إلى نصفين يفرقهما نهر من الدماء الجارية التي حجبت الكلمة الأخيرة التي وقعت حبيسة: ليس الآن، فكان العويل داخلي والبكاء صامت. ماذا لو تمزق الأنف من فرط ما علق به عطر حبيب، العطر الذي تحول لخثرة متحجرة كحكاية لا يمكن ازاحتها. ماذا لو كنا نرى كل أوجاع الروح هذه في الشارع والمنزل في المحلات وفي التلفاز تظهر هكذا لنا دون أن تتهندم بنصف ابتسامة أو تختبئ خلف الصمت؟! ماذا لو؟!