مع انطلاق بوادر الانتفاضة الثالثة التي بدأت شرارتها مع بداية هذا الشهر بحملة الطعن بالسكاكين ضد قوات الاحتلال والمستوطنين، ردا على جرائم الاحتلال، والتي وصلت ذروتها بحرق عائلة الدوابشة في نابلس، ثم الاعتداءات المتكررة على المسجد الأقصى، حيث كان الخروج بتظاهرات التأييد الكبيرة في كل مدن وقرى ومخيمات الضفة الغربية تأييدا للرئيس أبو مازن، بعد عودته من الأممالمتحدة، التي حضر فيها احتفال رفع العلم الفلسطيني بين أعلام دول المنظمة الدولية، بحيث اعتبرت إسرائيل أن رفع العلم الفلسطيني كان الإشارة الخفية وغير المباشرة لإعلان الانتفاضة الحالية. ومع تزايد زخم هذه الانتفاضة وارتفاع تكلفتها، ورد الفعل الإسرائيلي بكل عنف بالقتل والاعتقال وتدمير المنازل، التي وصلت حصيلتها في الجانب الفلسطيني إلى 46 شهيدا وأكثر من خمسة آلاف جريح ومئات المعتقلين، يبدو السؤال المطروح الآن ما هي خيارات أبو مازن في ظل هذا الواقع الجديد، وهو القائد الفلسطيني عراب اتفاق السلام وصاحب نظرية رفض العنف، ورفض عسكرة الانتفاضة، التي تتجه للعسكرة في ظل العنف الإسرائيلي المتصاعد، وماذا يملك أبو مازن من أوراق في هذه الحالة، هل ينفي نظريته السابقة ويدعو لتصعيد الانتفاضة، أم يعارض الرغبة الشعبية، ويدعو للتهدئة ووقف الانتفاضة، وماذا تبقى له من سلطة على شعبه كى يستمع الفلسطينيون إلى نصيحته، ويقبلون بالتهدئة ضد ممارسات إسرائيل العدوانية وإعادة الهدوء إلى الأرض المحتلة. الولاياتالمتحدة التي تحركت هذا الأسبوع في محاولة لاستدراك الوقت ووقف دائرة العنف، بلقاء وزير الخارجية الأمريكي جون كيري مع كل من رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو والرئيس الفلسطيني أبو مازن، ومحاولة العودة لمفاوضات السلام، التي أعلن أبو مازن أنه لن يعود إليها وفق الآلية السابقة.. وباتت الخيارات أمام أبو مازن ضيقة وقليلة، فهل يكون الخيار الأخير الاستقالة كما يهدد دائما، وترك الأوضاع للمجهول؟ هذا ما ستجيب عليه الأيام المقبلة، والموقف الأمريكي والإسرائيلي.