لا يزال مبدأ حماية المستهلك بحاجة لمزيد من التوضيح لآلية العمل بين جمعية حماية المستهلك ووزارة التجارة؛ إذ أن الأمر أصبح مختلطا بينهما، بل بات مبهما عند المستهلك البسيط الذي قد لا يكلف نفسه قراءة المواقع الإلكترونية، ومعرفة آلية عمل كل جهة، حيث إن الحملات التوعوية شبه معدومة من الجانبين باستثناء موقعي الجهتين الإلكترونيين، ومعرفاتهما الرسمية في وسائل التواصل الاجتماعي. فعلى هاتين الجهتين المناط بهما حماية المستهلك أن توعيا المستهلك أولا بكيفية حمايته لنفسه وتحسين ثقافته الاستهلاكية، حتى تصبح هذه الثقافة مشروعا وطنيا تنعكس آثاره الإيجابية على الجميع؛ ليعي الكل خطره وأهميته حين يتفقون على أنه ليس مشروعا موجها للفقراء فقط. ومؤخرا أصبحنا نشاهد ارتفاعا متزايدا في أسعار المواد الاستهلاكية وتكلفة الخدمات وزيادة رسوم التعليم في القطاع الخاص، وشيوع البضائع المغشوشة في أسواقنا مع تراجع القوة الشرائية للريال، والتهام الغلاء كل زيادة تطرأ على دخول العاملين في القطاعين الحكومي والخاص، وهذا الواقع جعل الناس توجه أصابع الاتهام إلى الجهات المسؤولة عن الخدمات؛ لتكاسلها، وبطء حركتها، وضعف استجابتها وتفاعلها مع ما يجري من حولها، حتى قيل إن هذه الأجهزة لا تشعر بما يجري على أرض الواقع. على الجهتين المناط بهما حماية المستهلك أن تعيا بأنهما لن تستطيعا أن تؤديا مهمتهما بمفردهما على الوجه الأكمل إلا مع شيوع وانتشار ثقافة (الحقوق) والدفاع عنها من أفراد المجتمع، فلا ينتظرون أجهزة إدارية لتحميهم من جشع وغش بعض التجار مهما كانوا؛ ما يستدعي أن يبادر كل مواطن إلى مساندة أجهزة الرقابة وتزويدها بالمعلومات والبيانات التي تؤكد مخالفة بعض أهل السوق للأنظمة. وعلى تلك الجهتين أيضا تفعيل مبدأ القدوة العملية، دون الاكتفاء بالأحاديث والخطب والمقالات فقط، كما أنه لا بد من استشعار الشركات والمؤسسات الوطنية الكبرى، التي تؤمن بالمسؤولية الاجتماعية، أهمية رعاية برامج التوعية الموجهة إلى المجتمعات الشبابية والأسرية لتعديل سلوك الإنفاق والاستهلاك.