أخيرا بات للضرر المعنوي وزن مهم في التحاكم بعد أن أحاط ديوان المظالم رؤساء المحاكم الإدارية بجواز التعويض المادي عن الضرر المعنوي في القضايا والأمور التي لا تتعلق بضرر مادي، وجاءت هذه الإحاطة كإحدى توصيات ورشة عمل دعاوى التعويض عن الضرر المعنوي التي عقدت مؤخرا. وبغض النظر عن الخلاف الفقهي حول جواز التعويض عن الضرر المعنوي إلا أن هذا التوجه من قبل القضاء الإداري ممثلا بديوان المظالم يعزز الحالة العدلية برمتها، فكثير من الضرر المعنوي والنفسي يبقى على الهامش في حال التقاضي رغم ما يعانيه المتضرر اجتماعيا وأسريا. والمأمول أن يعمم هذا الأمر على جميع المحاكم، فحب الخشوم لم يعد كافيا لإرضاء المتضرر الذي قد يطاله أذى كبير لا يمكن إثباته ماديا ليبقى غصة في القلب، هذا فضلا عن أننا في مجتمع له حساسية كبيرة تجاه السمعة، ففي حالات القذف مثلا ما الذي سيستفيده المتضرر من مجرد جلد المتعدي إن لم يعوض ماديا جراء ما لحقه من أذى نفسي ومعنوي بسبب تشويه سمعته وسمعة أسرته؟ كما أن إقرار التعويض بسبب الضرر المعنوي سيكون أداة من أدوات الردع لكل من تسول له نفسه الإضرار بالآخرين بأي شكل من الأشكال. وتتضاعف المعاناة النفسية في عصرنا الحالي مع تعقيدات الحياة والضغوط الكبيرة التي يعانيها الإنسان، كما أن وسائل التواصل الاجتماعي سهلت النيل من سمعة كثير من الشخصيات العامة من أشخاص نكرات يختبئون خلف معرفات وهمية ينهشون من ورائها أعراض الناس ويقعون في الخوض في خصوصياتهم وقد لا يجد المتضررون جدوى من ملاحقة هؤلاء قضائيا فالأمر قد ينتهي بمساع للصلح أو الحكم بالجلد؛ إلا أن إقرار آلية للتعويض المادي عن مثل هذه التعديات سيسهم لا شك في الحد منه.