كشف مطورون عقاريون عن وجود منهجية قد يتم الاتفاق عليها مع وزارة الإسكان من خلال إعطاء الأرض كمنحة على المواطن على أن يتم وفق منهجية معينة تطويرها من قبل المطورين ثم إعادتها إلى الوزارة من أجل استكمال إجراءات التسليم وفقا للبيانات التي تم فيها قيد المستفيدين. وأوضحوا أن الوزارة ستقوم بالتحري عن شركاتهم من خلال البحث في جميع الجهات الحكومية عن المشاريع التي نفوذها، وكيفية تقييمهم لإنجاز تلك المشاريع؛ من أجل ضمان عدم حدوث أي تأخير أو تعثر. جاء ذلك بعد انتهاء الاجتماع الذي عقده وزير الإسكان ماجد الحقيل مع شركات تطوير عقارية كبرى، ومستثمرين بارزين في المجال العقاري من أجل مناقشة العديد من التفاصيل بشأن إيجاد دور واضح للقطاع الخاص في تجهيز منتجات الوزارة. إلا أن أكثر ما استوقف المتابعين لنتائج الاجتماع هو تصريحات وزير الإسكان التي خرجت بعد الاجتماع، عندما تداولها بإسهاب وسط تباينات كبيرة في مستوى المفاهيم لدى العديد من المتلقين لتلك التصريحات. وحول هذه التصريحات تباينت آراء حصلت عليها «عكاظ» من مختصين في العقار والاقتصاد حول بعض الأمور التي تحتاج إلى إيضاحات أكثر؛ باعتبار أن المعلومات التي أدلى بها أقرب إلى تبرير ارتفاع الأسعار في القطاع من الإعلان عن حلول. وعن كيفية قراءة التصريح من ناحية اقتصادية؛ أكد الخبير الاقتصادي فضل البوعينين أن التصريحات والنسب التي طرحها وزير الإسكان ماجد الحقيل بعد الانتهاء من اجتماعه بالمطورين العقاريين يوم الأربعاء الماضي توحي من الناحية الاقتصادية بأن مستويات الأسعار المرتفعة حاليا للعقار مبررة لأسباب مرتبطة بالطلب المرتفع وشح المعروض. واستغرب تغييب حجم معاناة المطورين العقاريين من تسويق وحداتهم السكنية لأسباب مرتبطة بارتفاع الأسعار التي يعرضونها على المستفيدين في ظل الركود الذي يشهده السوق العقارية نتيجة وصول الأسعار إلى مستويات مرتفعة جدا تفوق القدرة الشرائية للمواطن. وأضاف: الجميع يدرك بأن السوق في حاجة إلى زيادة معدلات عرض الوحدات السكنية، ويدرك أيضا بأنه مهما كان حجم العرض في الوقت الحالي فلن يمنعه من ارتفاع الأسعار. وتطرق إلى بعض ما أعلن عن تفاصيل الاجتماع؛ بقوله: بعض المطورين ذكروا بأن تكلفة الأرض ليست مشكلة في السوق السعودية لكن المشكلة تكمن في عدم المنتجات، بينما يشير الواقع الاقتصادي إلى أن تكلفة الأرض المرتفعة هي المعوق الأساسي المتسبب في حرمان المواطن من مسكنه بدليل أن هناك الكثير من المستحقين للقروض العقارية الذين صدرت لهم موافقة الإقراض لم يستطيعوا الاستفادة من صندوق التنمية العقارية بسبب عدم امتلاكهم الأرض وعدم قدرتهم على الشراء؛ بل أن القرض الإضافي الذي يعد أحد منتجات الصندوق العقاري لا يساعد هؤلاء في شراء الأرض بسبب ارتفاعها في ظل محدودية ملاءة الكثير من المواطنين وبالتالي فإن الأرض هي العقبة الحقيقية أمام تملك المواطنين نتيجة ارتفاع أسعارها. 300 ألف وحدة وعن قدرة القطاع الخاص على زيادة العرض خلال وقت قريب، قال: هناك أكثر من 300 ألف مواطن في قوائم انتظار صندوق التنمية العقارية يمتلكون الأراضي؛ فلو تم تمويلهم من قبل الحكومة لاستطاعوا تنفيذ 300 ألف وحدة سكنية أو ربما أكثر من ذلك خلال عامين فقط. وأضاف: التكلفة الأكبر حاليا توجه إلى قيمة الأرض لأن معدلها السعري صار يغطي نحو 60 في المئة من قيمة المسكن بينما لا تمثل قيمة البناء أكثر من 40 في المئة قياسا بالأسعار المسجلة حاليا، وبالتالي فإن تمويل المواطن ب 500 ألف ريال ستكون كافية لبناء وحدات سكنية للمواطنين، لذلك يمكن القول إن المواطن البسيط يستطيع زيادة المعروض في سوق الإسكان. لا ضوابط للمطورين وأبدى تعجبه من انتقاد المطورين لغياب الدعم الحكومي لهم بما يساعد على بناء المزيد، بقوله: الحكومة تركت هذا القطاع دون تشريعات مقيدة؛ فأصبح المطور العقاري يتحكم في هذه السوق، ويتحكم في نوعية المنتجات، ويتحكم في أسعارها فهل هناك أكثر من هذا المحفز عندما يُترك التاجر ينفذ كل ما يريده دون تدخل من الحكومة، في رأيي هذا يعتبر أعظم مراحل التحفيز. وطالب بضرورة إيجاد تشريعات تضبط سوق العقار، وتعامل المطورين العقاريين من أجل العودة إلى الأسعار الحقيقية العادلة. شراكة عادلة وأشاد البوعينين برغبة وزير الإسكان في إيجاد شراكة حقيقية بين القطاعين الحكومي والخاص لمعالجة أزمة الإسكان، مستدركا بقوله: يجب أن تكون هذه الشراكة عادلة؛ فالشراكة لن تؤدي إلى نتيجة عندما يتم توفير المنتجات بهدف زيادة العرض في ظل ارتفاع أسعار المطورين العقاريين وبقائها على مستوياتها الحالية. وأضاف: من المهم ألا تحول الشراكة دون تنفيذ هدف وزارة الإسكان الأول المتثمل في بناء 500 ألف وحدة سكنية لأن زيادة العرض كفيلة بالضغط على الأسعار. الاقتصاد يدعم الانخفاض وحول إيجاد مقاربة بين قراءات العامة وتحليلات المختصين بشأن تصريحات وزير الإسكان التي أدلى بها بعد اجتماع المطورين العقاريين؛ أشار البوعينين إلى وجود من يعتقد بأن تصريحات وزير الإسكان تتضمن على تقديمه سفينة الإنقاذ للعقارين بدلا من أن تتولى الوزارة هذه المهمة، مضيفا: من الناحية الاقتصادية هناك توجه إلى خفض في الانفاق الحكومي؛ ما يعني أن هناك ضبطا للسياسة المالية، وعندما تقوم الحكومة بسحب السيولة من السوق من خلال السندات التي ستطرحها؛ فإن هذا التأثير المزدوج يؤدي حتما إلى خفض أسعار العقار بشكل كبير في ظل انخفاض الطلب الآتي من القطاعات الاستثمارية المرتطبة كثيرا بالعمالة الأجنبية والشركات المستأجرة، وبالتالي ستنخفض الأسعار بفعل هذه الضغوط الاقتصادية خلال العامين المقبلين ما يجعل الأمر بديهيا من الناحية الاقتصادية ولا يحتاج إلى استراتيجية توضع حتى يحققها القطاع الخاص. وشدد على أهمية ربط تغيير الاستراتيجيات بما ينجز ويتواءم مع الظروف المتوفرة حتى لا تستنزف الكثير من الاقتصاد الوطني دون تحقيق للأهداف المرجوة؛ باعتبار أن هناك نحو 250 مليار ريال مرصودة لصالح الإسكان. ودعا إلى ضرورة الاستفادة من تجارب الهيئة الملكية في الجبيل، والهيئة الملكية في ينبع الخاصة ببناء المدن السكانية، مشددا على أهمية تجهيز الضواحي حول المدن حتى تتمكن الوزارة تحويل هذه الأموال إلى مشاريع على أرض الواقع. الاتصال بمسؤولي «الإسكان» أوضح رئيس لجنة التثمين العقارية التابعة لغرفة تجارة وصناعة جدة عبدالله الأحمري أن المضامين التي خرج بها تصريح وزير الإسكان؛ تشير إلى أن الراغب في أحد منتجات الوزارة عليه أن يتجه إلى القطاع الخاص، داعيا كل من سجل في صندوق التنمية العقارية إلى أخذ قرضه واستكمال الباقي من أحد البنوك من أجل إنشاء مسكنه. وكشف الأحمري عن محاولات أجراها للاتصال بمسؤولين في وزارة الإسكان من أجل سؤالهم عن مخططات الوزارة المقبلة، وكيف يمكن إيجاد تفسيرات من تصريحات وزير الإسكان. ومضى يقول: كيف يمكن استيعاب أن نسبة العرض لا تزيد عن 25 في المئة فقط؛ فما الذي كان يحدث طوال 6 سنوات عمل في القطاع الإسكاني منذ أن كانت وزارة الإسكان هيئة. وتساءل عن مصير المبلغ المرصود للقطاع الإسكاني المقدر بربع تريليون ريال؛ مضيفا: نتطلع في وزير الإسكان الذي جاء من القطاع الخاص بأن يكون محملا بكافة الفراغات التي تفصل بين القطاعين العام والخاص حتى يكون قادرا على تغطيتها كما يجب؛ إذ أن التصريحات التي خرجت من الاجتماع تشير إلى أن الوزارة سترمي بحملها على القطاع الخاص. واستغرب من ضرورة إعادة فتح ملف استقدام العمالة، وقال: الدولة دفعت ملايين الريالات من أجل العمل على تقليص العمالة من أجل دعم الاقتصاد الوطني في العديد من جوانبه لكن ما حدث أن هناك تسريبات تشير إلى ضرورة زيادة ضخ العمالة بحجة القدرة على تغطية المشاريع الإسكانية. وشدد على ضرورة الانتهاء من ملف رسوم الأراضي البيضاء باعتبار أن ذلك سيحل الكثير من الأمور المالية للوزارة، ويجعلها قادرة على الاستعانة بشركات عالمية كبرى قادرة على التنفيذ في وقت قصير وبجودة عالية، مضيفا: تحصيل رسوم الأراضي؛ سيساعد الوزارة في تهيئة البنى التحتية للكثير من المواقع، وإخراج الكثير من المنتجات الإسكانية إلى أرض الواقع حتى تغطي أعداد المستفيدين الذين تتزايد معدلاتهم سنويا. ضعف المستوعب الادخاري وذهب معه في نفس الاتجاه؛ المستثمر في القطاع العقاري يوسف القرشي، مضيفا: الطبقة الأوسع في المملكة هي الوسطى، والأقل من المتوسط الذين يدخلون في إطارهم ذوي الدخل المحدود الذين لا يستطيعون تملك أرض أو مسكن نتيجة ارتفاع أسعارها الحالية ووصولها إلى مستويات تفوق قدراتهم الادخارية, وأضاف: حتى البنوك لا تقدم تمويلات عقارية كافية؛ إذ أن أصحاب الرواتب المنخفضة لا ينجم عنها إلا قروضا صغيرة لا تغطي القيمة السعرية التي وصل إليها العقار وهنا مكمن المشكلة, وتحدث عن بعض التجارب التي واجهها عندما يأتي إليه من يرغب في شراء أرض أو مسكن، مضيفا: الكثير منهم توقف عن المضي في مشروع حلمه بسبب رفض البنك تغطية تمويله أو لأن حجم التمويل لا يرقى إلى قيمة العقار الذي يريده. تفكير إيجابي ل «الإسكان» في المقابل أثنى رئيس اللجنة العقارية التابعة لغرفة تجارة وصناعة مكةالمكرمة منصور أبو رياش على تقارب وزارة الإسكان مع القطاع الخاص، مشيرا إلى أن الوزارة بدأت بالعمل لوحدها، مضيفا: الآن أصبحت الوزارة تفكر في إشراك القطاع الخاص بقوة من أجل تنفيذ المشاريع، والخطط الطموحة وفق منهجية هندسية ومالية واقتصادية تدعم صناعة العقار بصفة متكاملة وتزيد من نسبة إنشاء المساكن لرفع معدل العرض. وأضاف: الالتقاء بالمطورين العقاريين والاقتصاديين المتخصصين في المجال العقاري لأخذ آرائهم والوقوف على مطالبهم أمر إيجابي يدلل على أن الوزارة تتعامل بمنطقية مع واقع السوق، ويعد ذلك بادرة مبشرة على وجود أفكار طموحة وواعية ووطنية رائدة. ومضى يقول: منذ أن وصل وزير الإسكان ماجد الحقيل إلى كرسي الوزارة صرنا نبتهج بمنهجيته وأفكاره وطموحاته التي تصب في ناحية موضوعية وعملية في صالح خطط الوزارة. وبين أن السوق يحتاج إلى 1.5 مليون وحدة سكنية، مضيفا: هذا الرقم لن يكون ثابتا إذ أن الزيادة السكانية في المملكة تشهد نموا مستمرا ما يعني أن معدل الاحتياج سيرتفع بنسبة 3 في المئة سنويا ما يعادل نحو 45 ألف وحدة. وعن ما إذا كان قد شعر بأن هناك تبرير لارتفاع الأسعار من خلال التصريحات؛ قال: لا أعتقد ذلك؛ فالوزارة لديها أراض تعمل عليها، لكن عندما تدخل القطاع الخاص فهي تأخذه كشريك عندما تعطي المطور العقاري الأرض ثم تسلمه المواقع ليبدأ في تنفيذ المشروع وفق الاشتراطات والضوابط والمواصفات المطلوبة. وذكر في حديثه أن وزارة الإسكان في السابق كشفت عن أن تكلفة تطوير المتر المربع تصل إلى نحو 160 ألف ريال، مشيرا إلى أن الوزارة تتجه الآن إلى أن يكون التعامل بينها وبين المطورين العقاريين حتى تسرع من الحصول على المنتجات المطلوبة.