الإنجازات الأمنية التي أعلن عنها خلال اليومين الماضيين تؤكد بأن الحرب على الإرهاب في المملكة مستمرة وبجدارة منقطعة النظير، إلا أن تفجير مسجد قوات الطوارئ في عسير يعتبر مرحلة مفصلية في الحرب على الإرهاب عموما وداعش على وجه الخصوص، كما أن هناك دروسا كثيرة أفرزتها هذه الحوادث الأخيرة التي تمثلت في الهجوم على بيوت الله. وعند تحليل هذه الحوادث يتضح الآتي: جميع العمليات الإرهابية على المساجد في المملكة ويضاف لها تفجير مسجد الصادق في الكويت لتشابه وتقاطع آليات التنظيم والتخطيط والتنفيذ، نفذت بطريقة مشابهة بحزام ناسف وخلال وقت الظهر ولكن الاختلاف كان بقدرة بعض الأشخاص على تمييز تصرفات الهالك قبل تنفيذ العمليات. وبالرغم من شراسة هذه الحوادث إلا أن هناك دروسا وعبرا مستفادة من هذه الجرائم، أهمها ازدياد نسبة احتمالية القبض على الهالك قبل تنفيذ العمليات الإرهابية، دهاء طرق تنفيذ هذه العمليات، الحاجة إلى زيادة الوعي في الأمن الشخصي لرجال الأمن، وإمكانية استشعار الخطر قبل حصوله. وبناء على الحقائق فقد ارتفعت نسبة التعرف على الهالك قبل تنفيذ العملية الخسيسة إلى 50 %، وهذا أيضاً يعزز إمكانية الاستثمار والاستشعار بالخطر، حيث تم التعرف على الهالكين قبل تنفيذ العملية في كل من جامع العنود وعسير بسبب القدرة على تمييز التصرفات المريبة للهالك، مع نجاح الأول في التعامل مع الحدث وفشل الثاني لقلة الخبرة والوعي في التصرف في هذه الحالات وعدم الجرأة في اتخاذ القرار، ولم يتم التعرف مطلقاً على الهالكين بتفجير كل من جامع الإمام علي وجامع الإمام الصادق. خبث الطرق الداعشية لتحقيق الهدف: بناء على العمليات الإرهابية الداعشية السابقة فهي تهدف إلى ضرب الأمن والأمان في السعودية عن طريق زعزعة الثقة في الأجهزة الأمنية، ويحدث ذلك عن طريق زعزعة الثقة بين رجال الأمن والمواطنين وتصفية رجال الأمن وتم ذلك بعدة طرق مختلفة: استهداف جوامع بنوايا استهدافية للتحريض، لخلق عدم الثقة بين المواطن ورجال الأمن. نشر مبدأ قتل الأقارب لزعزعة الثقة داخل بيوت رجال الأمن، حيث أصبح الدواعش يقتلون أقاربهم الذين يعملون في السلك العسكري. إغواء واستدراج رجال الأمن بالصوت الناعم عن طريق الداعشيات لقتلهم حيث استحدثت داعش الجهاد الجنسي للداعشيات. اختراق قاعدة بيانات لعدة جهات أمريكية ونشر بيانات وصور شخصية لمئات من أفراد الجيش الأمريكي على الإنترنت وكلف الذئاب المنفردة لقتلهم، وهنا نود التنبيه على رجال الأمن بعدم نشر معلوماتهم الشخصية على شبكات التواصل الاجتماعي وإلاّ أصبحوا أهدافاً لهذه الجماعات الإرهابية. تثقيف رجال الأمن: في هذه المرحلة تتحمل الجهات المختصة مسؤولية رفع مستوى الوعي في الأمن الشخصي لرجال الأمن والمخاطر التي تحيط بهم من كل جانب، ورفع مستوى الحس الأمني لديهم حتى لا يكونوا صيداً سهلا لهذه الفئة الضالة، فعلى القطاعات الأمنية أن لا تهمل هذا الجانب، فرجال الأمن هم إحدى ثروات البلد ولا بد من المحافظة عليهم للحفاظ على أمن بلادنا. إنشاء وتفعيل برنامج دور مراقبة الأحياء Neighborhood Watch: يهدف هذا البرنامج إلى تدريب سكان الحي أو مجموعة منهم وتوعيتهم بطرق الحد من الجرائم داخل الأحياء السكنية فيقومون بعدة مهام منها مراقبة الأحياء، التجول داخل الأحياء والإبلاغ عن تصرفات مريبة أو سلوك مشبوه سواء صدرت من الأشخاص الغرباء أو حتى الجيران للجهات المختصة. الاعتماد على التقنية: لا تزال كثير من الجهات تجهل الدور الكبير الذي تلعبه التقنية لمساعدتها باستشعار الخطر قبل حدوثه، فاستخدام التقنية سيسهم في التعرف على المطلوبين والمشبوهين والتعرف على المركبات المطلوبة والمسروقة، كذلك استخدام الكاميرات الذكية ستسهم في التعرف على بعض التصرفات المريبة للهالكين، أيضاً لا بد من توفير أجهزة للتعرف على المركبات المطلوبة والمسروقة في جميع نقاط التفتيش على الطرق البرية، وكذلك توفير نظام البصمة الإلكترونية للتعرف على المطلوبين والمشبوهين. ولكي نستثمر في التقنية كما ينبغي للمساهمة في هذه الحرب، نحتاج إلى الآتي: الابتعاث في التخصصات الأمنية النادرة كصناعة الطائرات من غير طيار، الطب الشرعي الرقمي، الاستخبارات المعلوماتية، كشف المتفجرات، الحرب الإلكترونية، التنقيب في المعلومات، تقييم وتحليل المخاطر، أمن المعلومات والجرائم الإلكترونية، فنحن بحاجة ماسة إلى هذه التخصصات النوعية ولا بد الاستفادة من برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث وتخصيص مقاعد لهذه التخصصات. التركيز على الأبحاث الأمنية النوعية والجرائم الإلكترونية، حيث إنها دون المستوى ومهملة فجميع الأبحاث تركز فقط على الجانب النظري ومن يشرف على هذه الأبحاث من غير المختصين مما أفقدها الاحترافية والمهنية. خلق شراكات مع جامعات ومراكز بحثية عالمية متخصصة في المجالات التقنية الأمنية كالمعهد الوطني للمعايير والتقنية في أمريكا (NIST) وجامعة Kings college في بريطانيا. إنشاء حاضنات للتقنية الأمنية لتحويل الأبحاث الأمنية إلى منتج أمني يخدم رجال الأمن والوطن لاحتياج الوطن لمثل هذه المشاريع النوعية. استثمار العلاقات المميزة للدولة مع الدول المنتجة للتقنية كأمريكا وروسيا وبريطانيا لتوطين التقنية الأمنية في البلد فهذه الدول مميزة جداً في الطب الشرعي الرقمي، التشفير، فك التشفير، الكاميرات الأمنية الذكية، المراقبة الإلكترونية والبصمة بجميع أنواعها.