طوت منى مخيماتها عصر أمس، معلنة نهاية موسم حج هذا العام، بعد ستة أيام (144 ساعة) من ضيافة مليوني حاج، لبوا في أرجائها وصدحوا بالشهادة، وشكروا الله على ما أنعم عليهم من فضل ونعمة. وتسارعت الخطى من جموع الحجاج المتبقين في منى أمس، للخروج منها، بعد أن رموا الجمرات الثلاث الأخيرة في مناسك الحج، عائدين إلى مقار سكنهم في مكةالمكرمة، استعدادا لرحلة العودة إلى بلدانهم سالمين غانمين. وبدت مدينة الخيام للمرة الأولى منذ أيام، تودع نبضها بعد أن كانت شوارعها شعلة من النشاط في ظل كثافة ضيوفها الذين استقروا فيها منذ يوم التروية قبل أن يصعدوا إلى عرفات، ويعودوا إليها في أول العيد ويستقروا أيام التشريق الثلاثة. وقبل أن يودع أكثر من نصف مليون من الحجاج منى أمس في ثالث أيام التشريق، ارتسمت في عيونهم دموع تعبر عن حرارة الفراق والوداع الذي قد يطول عن هذه الرحاب الطاهرة، حاجات وحجاج من دول مختلفة أبعدتهم المسافات وجمعتهم المشاعر المقدسة، وسرعان ماغادروا المكان وقلوبهم تشتاق للعودة مرة أخرى أو غادروا وهم يودعون صديقا وغاليا عليهم سيبقى في المشاعر المقدسة إلى الأبد، تسير بهم حافلة النقل على عجالة وعيونهم ترمق المكان يتمنون عدم المغادرة حتى يتزودوا بالزاد التقوى، قصص وحكايات ودموع انتثرت عند الرحيل والعودة إلى الديار، ورغم الفرحة للقاء الأحبة والأهل في بلدانهم إلا أن الدموع ترسل علامات الحزن على الرحيل من أطهر بقاع الأرض متمنين العودة لها في السنوات المقبلة وداعين الله تعالى أن يتقبل منهم حجهم وسعيهم وأن لا يضيع أعمالهم. وبات لا يهز سكون منى، سوى أصوات الدبابات والدراجات النارية وسيارات الخدمات التي ظلت تلملم بقايا الأمتعة، فيما انتشرت آليات أمانة العاصمة المقدسة تجوب شوارع مشعر منى لرفع المخلفات.