أسس الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- المملكة العربية السعودية، على أسس واضحة، برزت من خلال راية التوحيد التي اختارها -رحمه الله- لتكون شعارا لمملكة التوحيد، حيث اعتمد منذ اليوم الأول لتأسيس المملكة، على أن يقوم الحكم فيها على تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية المستمدة من القرآن الكريم والسنة النبوية وما أُثر عن الصحابة وتابعيهم، وما أجمع عليه الأئمة الأربعة وصالح سلف الأمة. وبدأت مسيرة التوحيد والتأسيس للدولة السعودية تدريجياً منذ العام 1320ه، وفي 17 جمادى الأولى 1351ه، حيث صدر مرسوم ملكي بتوحيد كل أجزاء الدولة السعودية الحديثة في اسم واحد هو «المملكة العربية السعودية»، وأن يصبح لقب الملك عبدالعزيز «ملك المملكة العربية السعودية». واختار جلالته في الأمر الملكي الصادر يوم الخميس 21 جمادى الأولى 1351ه، الموافق لليوم الأول من الميزان يوما لإعلان توحيد المملكة العربية السعودية. ويُعد يوم 23 سبتمبر هو اليوم الوطني للمملكة العربية السعودية. اختارت الدولة السعودية في عهد الملك عبدالعزيز شعار الدولة الحالي (سيفان متقاطعان بينهما نخلة)، أمّا العلم فأصبح لونه أخضر مستطيل الشكل، وفي وسطه «لا إله إلاّ اللّه محمد رسول الله» باللون الأبيض، وتحتها سيف باللون الأبيض. وقد نص بعد ذلك المرسوم الملكي رقم م/3 وتاريخ 10/3/1393ه، الموافق 12/4/1973م، في عهد المغفور له بإذن الله الملك فيصل على أنه لا يجوز تنكيس العلم السعودي وعدم ملامسته لسطح الأرض أو الماء وذلك احتراماً للشهادة المكتوبة عليه. تأسيس الدولة الحديثة نظم الملك عبدالعزيز دولته الحديثة على أساس من التحديث والتطوير المعاصر، فوزع المسؤوليات في الدولة، وأسس حكومة منطقة الحجاز بعد ضمها وأنشأ منصب النائب العام في الحجاز، وأسند مهامه إلى ابنه الأمير فيصل، وكان ذلك عام 1344ه، 1926م، كما أسند إليه رئاسة مجلس الشورى. وفي 19 شعبان 1350ه، 30 ديسمبر 1931م، صدر نظام خاص بتأليف مجلس الوكلاء، وأنشأ الملك عبدالعزيز عدداً من الوزارات، وأقامت الدولة علاقات دبلوماسية وفق التمثيل السياسيّ الدولي المتعارف عليه رسمياً، وعينت السفراء والقناصل والمفوضين والوزراء لهذه الغاية. كما اهتم الملك المؤسس كثيراً بدعم الحركات التحريرية العربية والإسلامية، ودعم القضية الفلسطينية، وعندما تأسست جامعة الدول العربية في القاهرة عام 1365ه/ 1945م، كانت المملكة من الدول المؤسسة، وناصر جميع قضايا العالمين العربي والإسلامي بالدعم والمشورة والتأييد في المحافل الدولية والإقليمية، وانضمت المملكة إلى هيئة الأممالمتحدة ومؤسساتها. ومن منجزات الملك عبدالعزيز القيام بأول مشروع من نوعه لتوطين البدو، فأسكنهم في هجر زراعية مستقرة، وشكل منهم جيشاً متطوعاً يكون تحت يده عند الحاجة وإعلان النفير، كما عمل على تحسين وضع المملكة الاجتماعي والاقتصادي، فوجه عناية واهتماماً بالتعليم بفتح المدارس والمعاهد وأرسل البعثات إلى الخارج وتشجيع طباعة الكتب خاصة الكتب العربية والإسلامية والاهتمام بالدعوة الإسلامية ومحاربة البدع والخرافات، وأنشأ هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وزوّدها بالإمكانات والصلاحيات، كما أمر بتوسعة الحرم المدني، وقد شرع به في عام 1370ه/ 1951م، ووفر الماء والخدمات الطبية والوقائية لحجاج بيت الله الحرام. مرحلة النمو والتطور وفي عام 1357ه، 1938م، جاء استخراج النفط بكميات تجارية في المنطقة الشرقية، مما ساعد على ازدياد الثروة النقدية التي أسهمت في تطوير المملكة وتقدمها وازدهارها، وأنشئت مؤسسة النقد العربي السعودي بعد أن بدأت العملة السعودية تأخذ مكانها الطبيعي بين عملات الدول الأخرى، واشترت الدولة الآلات الزراعية، ووزعتها على الفلاحين للنهوض بالزراعة، وأنشئت الطرق البرية المعبدة، ومُدّ خط حديدي ليربط الرياض بالدمام بالمنطقة الشرقية، وربطت البلاد بشبكة من المواصلات السلكية واللاسلكية، ووضعت نواة الطيران المدني، ومدّ خط أنابيب النفط من الخليج إلى موانئ البحر الأبيض المتوسط، وافتتحت الإذاعة السعودية عام 1368ه/ 1949م. واهتم الملك عبدالعزيز -رحمه الله- بمحاربة المرض وتوفير الخدمات الصحية، فأنشأ المستشفيات والمراكز الصحية في مختلف مدن المملكة، كما وضع نظام للجوازات السعودية وغيرها من المرافق العامة ذات الصلة بالمجتمع. وفاة الملك المؤسس توفي الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود بقصره بمحافظة الطائف التابعة لمنطقة مكةالمكرمة يوم الاثنين 2/3/1373ه، إثر نوبة قلبية بعد معاناته من مرض تصلب الشرايين، وصليَّ عليه في الحوية ثم نقل جثمانه من مطار الطائف إلى مطار الرياض القديم، حيث دفن في مقابر العود، بعد حكم دام 52 سنة وكان قد بلغ من العمر 80 سنة.