الإبل لم توكلني محاميا للدفاع عنها، ولذلك كنت قد قررت أن أتوقف عن الكتابة حول علاقتها بتفشي مرض كورونا بعد كتابة مقالي الأخير، والذي طالبت فيه وزارة الصحة بأن تحدد نسبة المصابين بكورونا من مخالطي الإبل من بين ما تجاوز الألف مصاب ممن أصيبوا بهذا الداء خلال السنوات الماضية. وإذا كانت وزارة الصحة لم تقدم تلك النسبة، فإن وزارة الزراعة لم تفسر لنا السبب الذي غير طباع جمالنا، فأصبحت وهي المرافق لنا عبر التاريخ سببا في الموت، بعد أن كانت سبيلا إلى الحياة، كما لم تفسر لنا علة كونها الوحيدة من بين إبل العالم التي تتسبب في الإصابة بهذا المرض الخطير، إلا إذا كانت وزارة الزراعة تعتقد أن الإبل في صحتها ومرضها خصوصية سعودية لا توجد عند غيرنا من الشعوب، أو تتميز بما لا تتميز به إبل بقية عباد الله فوق سطح المعمورة التي تتآكل من كافة جوانبها. ورغم أنني قررت ذلك، إلا أن تصريحات بعض المسؤولين في وزارة الصحة لا تفتأ تحرض على الشك في مصداقية ما تؤكده من علاقة الإبل بتفشي كورونا، وأن الفيروس الذي أكدت الأبحاث وجوده في الإبل قابل للانتقال للإنسان، من ذلك ما تحدث به مدير عام الإدارة العامة لمكافحة عدوى المنشآت الصحية بوزارة الصحة من أن (المخالطين مباشرة للإبل قد يصابون بالفيروس دون أن تظهر عليهم أعراض مرض كورونا، وذلك لمناعتهم الجيدة، إلا أنهم قد يحملونه وينقلونه لآخرين أقل مناعة، ما يسبب إصابتهم بكورونا)، وإذا ما تمعنا في قراءة هذا التصريح، فإن الصيغة «التمريضية»، كما يقول النحاة حين يصفون كلاما مسبوقا بقد (قد يصابون، قد يحملون)، هذه الصيغة تنزع أي ثقة في التصريح وتمحو الفارق بين حديث علمي يمكن أن يصدر عن مسؤول وأي حديث يتفكه به الجالسون حول أربعة يلعبون البلوت. وإذا كانت وزارة الصحة قد حاولت بتصريح ذلك المسؤول إغلاق الباب أمام المطالبة ببيان نسبة المصابين بكورونا ممن يخالطون الإبل بقولها (قد تكون لديهم مناعة)، فإنها بذلك تدفعنا إلى سؤال عن مصدر تلك المناعة التي حالت دون إصابتهم بالفيروس، متمنين أن نجد لدى وزارة الصحة إجابة غير مسبوقة بقد والتي تنزع الثقة من أي تصريح. [email protected]