شدد عدد من الأكاديميين والمحللين الاقتصاديين والماليين على ضرورة التركيز على ترشيد استهلاك الطاقة في المملكة، قبل مراجعة أسعارها أو رفع الدعم الذي تقدمه الدولة للمستهلكين في هذا الشأن. ودعوا إلى تركيز جهود الرقابة على ترشيد الاستهلاك. يأتي ذلك تعليقا على توصيات ونصائح صندوق النقد الدولي برفع الدعم عن أسعار الطاقة في المملكة لتفادي الإشكالات الاقتصادية الناجمة عن انخفاض أسعار النفط، وتعويض النقص الحاصل في الإيرادات العامة. وفي البدء قال الدكتور فاروق الخطيب أستاذ الاقتصاد في جامعة الملك عبدالعزيز بجدة إن إصلاح أسعار الطاقة في المملكة الذي تحدث عنه تقرير صندوق النقد الدولي ربما يكون ذا أثر إيجابي إذا ما أدى إلى توفير الطاقة وترشيد استخداماتها بشكل أمثل، إلا أنه في المقابل سيضر بمستهلك الطاقة، وقد يجعله عاجزا عن سداد تكلفتها، خاصة أن مستويات التضخم في المملكة وصلت إلى 3 في المئة على أساس شهري، وهو ما يؤدي إلى تآكل دخل المستهلك. وأضاف: لذا لابد من أن يصاحب رفع الدعم عن أسعار الطاقة حلول للحد من معدلات التضخم التي يعانيها المستهلك بشكل عام. وأوضح الخطيب أن الرقابة على استهلاك الطاقة والحد من التبذير في استهلاكها واستيراد وسائل ترشيد لها يعد من البدائل المهمة لرفع الدعم عن الطاقة. وقال: لو قيس الأمر على وسائل النقل فسيكون من المفيد جدا استيراد سيارات ذات استهلاك أقل للوقود، إلى جانب استخدام وسائل النقل العام كأحد أهم البدائل لرفع الدعم.. فالحركة المرورية في المدن السعودية كثيفة في معظمها وتتسبب في الزحام، وهو ما يعني صرف كميات كبيرة من الوقود التي يضاعفها تنقلات الزائرين والحجاج والمعتمرين وحركة شاحنات النقل العملاقة التي لا يلتزم بعضها بنوع معين من الوقود. من جانبه قال الكاتب الاقتصادي غسان بادكوك إنه من الجيد أن تصدر عن جهات دولية كصندوق النقد الدولي تقارير تتضمن بعض التوصيات والنصائح لمعالجة بعض أوجه الخلل التي تؤثر على اقتصاديات الدول.. إلا أنه من الملاحظ أن بعض هذه التقارير لا يحيط كثيرا بالإمكانات الاقتصادية للمملكة، وهذه ليست المرة الأولى التي تغفل فيها تقارير الصندوق الدولي عن كثير من مقدراتنا الاقتصادية. وقال: سبق أن أصدرت مجموعة جروب، ومركز الدراسات البريطاني تشاتام دراسات تشابهت إلى ما ذهب إليه صندوق النقد الدولي في تقريره الأخير، وفي نهاية الأمر يجب أن يعني ذلك لنا التنبه، وليس القلق، من ضرورة إعادة النظر في ملف الدعم الحكومي للسلع الأساسية، وتحديد الأولويات في الإنفاق، لاسيما في مثل هذه الفترة التي تأثر خلالها الاقتصاد الوطني بهبوط أسعار النفط. وأضاف بادكوك، أن الاقتصاد السعودي يتعلق بمنظومة من الإصلاح الهيكلي التي يعد الدعم أحد أركانها، ولكن ربما حان الوقت الآن لطرح مسألة الصناديق السيادية التي كثر الحديث عنها مؤخرا التي من الممكن اللجوء إليها عند حدوث أي تقلبات اقتصادية في الأسواق العالمية.