تقدم خوليو غونزاليس لتنفيذ ركلة الترجيح الخامسة، وما إن لامست الكرة شباك الحارس البرازيلي، وتأهلت الباراجواي إلى دوري الأربعة في كوبا أميركا 2015، حتى أغلقت احتفالات ستة ملايين لاتيني شوارع أسونسيون، غير أن القصة في بيت عمه كانت مختلفة، فهو لم يصدق أن ابن أخيه بالذات أخرج البرازيل، فسقط ميتا في غمرة سعادته. الفرح لحظات من السعادة المكثفة التي تطرق أبوابنا لتقضي معنا بعض الوقت بعد ولادة حفيد، أو حفلة عرس. لكنه قد يأتي جماعيا في مواسم محددة سلفا كالأعياد، أو مفاجأة كصعود المنتخب لكأس العالم وهذا ما يجعلنا نتذكر أولئك الرائعين الذين جرعونا كؤوس الفرح بذلك التأهل. إن أبحرنا في داخلنا لنرى ماذا يحدث أثناء نوبات الفرح هذه، سنجد الدوبامين يتدفق بقوة، وهو الناقل العصبي الذي يعطينا الإحساس بالرضا، ويفرزه الجسم عادة كمكافأة لنا في حالات النجاح والترقية مثلا، مستوى السيروتونين يرتفع أيضا لنحس بذلك المزاج الرائع الذي يصاحب فرحنا، أما ما ينتاب البعض من قفز وصراخ فهو ناتج عن زيادة النورأدرينالين، ذلك الهرمون الذي إن أردت معرفة تأثيره فما عليك إلا أن تتخيل كلبا يلاحقك في ليل مظلم. يغلق بعضنا الباب في وجه الفرح بقوة، ويمنعه من الدخول، فتارة يستنكر كيف يحتفل المسلمون بالعيد وحال الأمة لا يسر، وينشد بيت المتنبي «عيد بأية حال عدت يا عيد ..» متناسيا أن «إظهار السرور في الأعياد من شعائر الدين»، وأخرى يستغرب فرحة أحدهم بتخرج ابنه، وهو مجرد رقم آخر في سجل العاطلين، ويعزو الأطباء النفسيون هذا السلوك في رفض الفرح إلى نقص السيروتونين، الذي يؤدي إلى الاكتئاب في حالاته الشديدة. إن كنت قد أشفقت على عم اللاعب غونزاليس بموته فرحا، فتذكر أن البارجواي قد خرجت من دور الأربعة بستة أهداف مذلة من الأرجنتين، مما يرجح أنه إن قدر له مشاهدة هذه المباراة ربما كانت نهايته الموت كمدا. «إن أردت أن تكون سعيدا.. فكن!!» تولستوي