رحمك الله يا سعود الفيصل.. لقد كنت بمثابة بريق الأمل في أوقات الشدة والملمات.. وكنت بمثابة جذوة التفاؤل في أوقات الصعاب والتحديات.. لقد كنت بحق رجل المهمات الصعبة.. وكنت بجدارة رجل الحكمة وبعد النظر وعمق الرؤية.. باختصار شديد.. لقد كنت رجلا ولا كل الرجال.. والآن وبعد أن رحلت عن دنيانا الفانية.. أكاد أسمع نحيب المؤتمرات التي شاركت فيها ونافحت من خلالها عن وطنك.. بعد أن افتقدت تلك المؤتمرات صولاتك وجولاتك.. أكاد أسمع بكاء قاعات الاجتماعات التي حضرتها ودافعت فيها عن أمتك.. بعد أن افتقدت تلك القاعات حواراتك ومناقشاتك.. أكاد أرى المواقف النبيلة والشجاعة التي وقفتها لنصرة دينك والذود عن حياضه وإعلاء شانه.. أكاد أرى أساطين السياسة وعباقرة الدبلوماسية وهم يرفعون قبعاتهم تقديرا لك وإعجابا بك.. أكاد أرى كل من عرفوك عن كثب وهم يذرفون الدموع حزنا على فراقك ولوعة على رحيلك.. أكاد أحس بنحيب قلوب الملايين من أبناء بلدك الذين قدروا فيك شهامتك ونبلك وأصالة معدنك.. أكاد أحس بمشاعر وأحاسيس الملايين من أبناء أمتك عربا ومسلمين الذين شهدوا وقفاتك الصلبة ومواقفك المشهودة شرحا لأوضاعهم ودفاعا عن قضاياهم.. وفي هذا الوقت الذي يعتصرنا الحزن على فراقك، ويستبد بنا الأسى على رحيلك.. لم يعد لنا سوى الفراغ الكبير الذي تركته، والسيرة العطرة التي خلفتها لكي نجتر من خلالها الذكريات الطيبة التي جمعتنا بك، ولكي ندعو لك بالرحمة والمغفرة. وإنا لله وإنا إليه راجعون.