تشهد أسواقنا المحلية حركة نشطة في مبيعات السلع والخدمات الاستهلاكية في شهر رمضان المبارك، وإقبالا كبيرا. ويجعل تنوع وتدفق السلع الغذائية المتنوعة المستهلك أمام خيارات عديدة في عملية الشراء وتحقيق احتياجاته الاستهلاكية في هذا الشهر الفضيل. ولاشك أن ظاهرة الشراء المكثف للسلع الاستهلاكية تعتبر أمرا طبيعيا، كل عام عند قدوم وخلال شهر رمضان المبارك في جميع دول العالم الإسلامي عامة وفي المملكة بصفة خاصة. إلا أننا نجد أن هذه السنة كان هناك توجه محموم قبل دخول شهر رمضان وخلال الأسبوع الأول نحو شراء السلع المتنوعة لاسيما الاستهلاكية. إن سلوك المستهلكين هذا غير المسبوق يعود لأسباب مختلفة لعل أهمها: التوجس من ظاهرة ارتفاع متواصل للأسعار؛ تزامن ارتفاع الأسعار مع العطلة الصيفية وتبعيات وملزمات المناسبات مثل متطلبات الزواج من مهور ومجوهرات وصالات الأفراح والحفلات؛ السفر والتنقل داخل وخارج المملكة؛ إحياء المهرجانات والاحتفالات الصيفية؛ وسهرات بعض الشباب في المقاهي. كل هذه التداعيات صاحبها حلول شهر رمضان المبارك. إن كل هذه الأسباب أدت إلى ظاهرة السلوك النهم للمستهلكين كما ذكرنا، خوفا من استمرار ارتفاع الأسعار وخشية من أن لا تمكن القدرة الشرائية المستهلك المتوسط الدخل من شراء وتبضع السلع الاستهلاكية والمواد التموينية التي تغطي احتياجاته خلال هذه الفترة من كل عام. لكن نظرا لضعف القوة الشرائية للمستهلك وأيضا أصبح المستهلك أكثر وعيا، فإن سلوك المستهلكين خلال هذا الموسم أصبح أكثر ترشيدا وانتقائيا، بحيث يقومون بشراء وتبضع السلع الأكثر أهمية للاحتياجات اللازمة للأسرة. ومن هذا المنطلق يمكن تقدير إجمالي حجم الإنفاق خلال شهر رمضان، وذلك على النحو التالي: إن تعداد سكان المملكة بمن فيهم المواطنون والمقيمون تقريبا 25 مليونا، وإذا افترضنا أن متوسط عدد أفراد العائلة الواحدة هو خمسة، وبالتالي فإن عدد الأسر تقريبا خمسة ملايين، وأن متوسط الإنفاق لشهر رمضان ثلاث آلاف ريال، يمكن نستنج بأن إجمالي حجم الإنفاق خلال شهر رمضان تقريبا 15 مليار ريال؛ بينما في الأعوام السابقة كان متوسط الإنفاق للأسرة خلال شهر رمضان الكريم يتراوح مابين 6-5 آلاف ريال، وبالتالي فإن إجمالي حجم الإنفاق خلال شهر رمضان الكريم كان تقريبا مابين 30-25 مليار ريال. وهذا يدل دلالة واضحة على تحسن ملحوظ في وعي سلوك المستهلك، لكن البعض قد يعزو ذلك إلى الفارق في متوسط الدخل السنوي للمواطن..