نعم السكن هو الهم والهاجس الذي يجتمع عليه الكثير من الناس وبالأخص أولئك الذين مازالوا يسكنون بالإيجار ولا يمتلكون السكن. قبل ست سنوات تقريبا تفاقمت هذه المشكلة وأصبحت لا تطاق، وعلى إثرها رصِدت ميزانيات كبيرة وتم الإعلان عن مشاريع ضخمة لتحل هذه الأزمة التي تفاقمت بسبب غلاء الأراضي وارتفاع أسعار شقق التمليك. وإذا تكلمنا بلغة الأرقام وهي اللغة الأقوى، فأغلب النتائج التي أصدرتها مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات تشير إلى أن عدد وحدات الإيجار أكثر بفرق واضح من عدد المنازل المملوكة في المدن الكبيرة. والإحصاءات غير الرسمية لبعض العقاريين والباحثين تؤكد بأن %40 من المواطنين يمتلكون منازل في حين أن 60 % بالمائة من المواطنين مستأجرين (بل بعضهم يتكلم عن نسبة تكاد تصل إلى 80% من المستأجرين). كما أن تلك التوقعات تذكر بأن 33% من رواتب السعوديين تقريبا تذهب في الإيجارات. والحقيقة أن المشكلة ستبقى مستمرة إن لم يتم توفير حلول عملية ميدانية فورية لعلاجها. بل ستزداد سوء وتفاقما بسبب ارتفاع عدد السكان، حيث إن الإحصاءات تقول إن 70 % من السكان تقل أعمارهم عن 30 عاما أي أنهم سيستقلون قريبا بزوجاتهم وأسرهم ويخرجون من كنف والديهم إلى منازل جديدة في الأغلب ستكون بالإيجار. إن من المتوقع أن يبلغ إجمالي عدد السكان بالمملكة 37 مليون نسمة في عام 2020، فكيف سيتم حل مشكلة الإسكان جذريا إذا لم تبدأ الجهات الحكومية المعنية في علاجها مباشرة وبسرعة من الآن!!؟؟. أعجبني كثيرا أحدهم عندما كتب في إحدى الصحف قائلا: «إن الأمن السكني أهم من الأمن الغذائي»، وهذه حقيقة لأن السكن يعتبر هاجسا يأخذ حيزا كبيرا من تفكير الفرد ويجعله في حالة عدم استقرار. فلا تكون التضحية والعطاء والإنتاجية والإبداع متوقعا من شخص لا يملك سكنا خاصا لأنه سيصبح مشغول البال دائما فتارة يسرح بهاجسه، وتارة يحلم بأمنيته. لا بد من التأكيد على أن حلول هذه القضية تكمن في تدخل الدولة بعمق في حل جذور المشكلة وبناء الوحدات السكنية السريعة لحل مشكلة الإيجارات التي تستنزف أموال المواطنين سنويا. فالدولة هي الوحيدة التي تستطيع أن تقوم باسترجاع الأراضي التي وهبتها قديما لأفراد لم يستغلوها حتى اليوم وتركوها بورا وأصبحت اليوم داخل النطاق السكني ويمكن استغلالها في توفير السكن للمواطنين. ومن الحلول أيضا أن يفتح المجال للاستثمار الأجنبي بالدخول في تطوير وتخطيط الأراضي والمخططات الكبيرة. ولابد هنا من الإشادة بأن الدولة خطت خطوة إيجابية جدا في مشروع فرض الرسوم على الأراضي البيضاء الموجودة داخل النطاق السكني طالما أن أصحابها لا ينوون استغلالها.. ولا عزاء لهم.