منذ أمنا حواء وإلى سنوات قليلة مضت كان الإشراف على الولادات في المنازل يتم من قبل مولدات سمي بعضهن في عالمنا ب(الدايات). ولقد اختفى مسمى (الداية) وصاحبته من تداول الناس في هذا الزمان، لقد اختفى حتى من القاموس الاجتماعي، وربما هناك قلة في القرى وفي الأرياف. فالداية أعرفها لمن لم يكن من جيلنا أو الجيل الذي بعدنا بسنوات قليلة، هي امرأة في العادة تكون قد تجاوزت مرحلة الصبا ودخلت في سن الأربعين وما فوق، لها وقار واحترام عند الجميع وكان الكل يحاول أن يحظى بمعرفتها. هي امرأة قد أتقنت مهنتها من الأجيال السابقين لها من جدتها أو أمها وخالتها تعلمت المهنة منذ صغرها فقد كانت هي المرافقة (للداية)، وكان يقصد خبرتها وحضورها كثير من الناس كبارا وصغارا ومسؤولين وكبار الشخصيات.! الداية كانت هي الشخص الوحيد الذي تولى ولادة ما أنجبت النساء من البشر بعد أمنا حواء وإلى عشرات السنين الماضية..! حيث لم تنتج كليات الطب أطباء توليد ومختصين في هذا الفن إلا منذ عشرات السنين.!. عموما فبعد زمن الدايات انتقلت (مهنة التوليد). واستلمتها (قابلات) والقابلة ممرضة متعلمة مهنة التمريض في الطب عموما ولكن لها اهتمامات خاصة ودراية بالتوليد. وفي بداية عملي بعد حصولي على التخصص في أمراض النساء والتوليد تعرفت على (داية) ممن اكتسبن شهرة وحبا وتقديرا من كثيرين. إذن فمهنة التوليد أو الإشراف على الولادات في المنازل كان لها أهلها والقائمون عليها وقد أدوا تلك المهنة لسنوات عدة، وقد كانوا على إلمام بالمضاعفات والولادات المتعسرة فقد كن يذهبن بالأم الولود إلى المستشفيات عند تعسر الولادة أو بداية علامات المضاعفات، ولم تسجل كتب التاريخ ولا وصل إلى علمي مآسي من قيامهن بتلك المهنة سنوات. فهل بالإمكان أن نعيد لتلك المهنة روادها من (القابلات) المتمرنات وذلك بفتح معاهد لهذه المهنة، وبذلك نفتح باب إمكانيات الولادات في المنازل ولكن بقواعد ومناهج علمية حديثة. للحديث بقية إن شاء الله.