بدأت إليزابيث جلبرت رحلتها الأدبية بكتابين مشهورين: المجموعة القصصية التي تحمل عنوان «الحجاج»، والتي وصلت إلى القائمة النهائية لجائزة بين/ همنغواي، ورواية «رجال قساة» التي نوهت بها النيويورك تايمز. نشرت بعد هذين الكتابين ثلاثة كتب غير روائية: «الرجل الأمريكي الأخير»، والذي وصل إلى القائمة النهائية لجائزة الكتاب الوطنية، وجائزة النقاد الوطنية، وكتابي مذكرات هما: «صل، كل، واعشق» و«ملتزم»، وكلاهما حقق أفضل المبيعات بحسب النيويورك تايمز. ترجمت كتب جلبرت إلى أكثر من ثلاثين لغة. في 2008، سمتها مجلتها التايم إحدى الشخصيات المائة الأكثر تأثيرا في العالم. تعيش حاليا في فرينشتاون، نيوجرسي. راقب القبطان كوك يشعل الألعاب النارية فوق خليج ماتافاي، كي يمتع المحليين لكن هذا أخافهم فحسب. وفي ليلة أكثر هدوءا رأى مصابيح السماء فوق تاهيتي. شرب من جوز الهند. وتسلق الممرات الخائنة للجروف الصخرية، إلى جانب الشلالات، جامعا عينات سرخس للسيد ولسون الذي لم يتسلق. شاهد القبطان كوك يصارع كي يحافظ على النظام والانضباط بين اندفاعاته ولم يرغب الرجال بمغادرة الجزيرة أبدا. ابتعد هنري. سكنت أحلامه. صمد أمام إغراءات مائة عطر. سخر منه من أجل ذلك. لكنه صمد. كان يخطط من أجل شيء أكبر لنفسه. ركز على علم النبات. جمع الغاردينيا ونباتات السحلبية والياسمين ونبات ثمر الخبز. أبحروا. راقب محليا في جزر فريندلي يقطع ذراعه من عند الكوع بأوامر صدرت من القبطان كوك لأنه سرق بلطة من سفينة ريزليوشن. كان هو والسيد نلسون يجمعان النباتات في هذه الجزر نفسها حين هاجمهما السكان المحليون. راقب السادة الذين على ظهر السفينة بعناية، وقيم سلوكهم. حاكى كلامهم. وتمرن على طريقتهم في الكلام. وحسن سلوكه. سمع ضابطا يقول لآخر: «رغم أن الأرستقراطية هي دوما نتاج خطة واختراع فإنها ما تزال تشكل الاختبار الأفضل ضد الرعاع غير المتعلمين وغير المفكرين». راقب كيف يسبغ الضباط الأهمية بشكل متكرر على أي محلي يشبه رجلا نبيلا (أو على الأقل يشبه فكرة إنكليزية ما عن رجل نبيل). وفي كل جزيرة قاموا بزيارتها كان ضباط السفينة يعاملون بشكل مميز أي رجل أسمر البشرة يملك قبعة أروع من قبعات الآخرين، أو عليه وشوم أكثر، أو يحمل رمحا أكبر، أو لديه زوجات أكثر، أو يحمله رجال آخرون على محفة، أو في غياب أي من أمور الترف هذه أطول من الرجال الآخرين. كان الرجال الإنكليز يعاملون ذلك الشخص باحترام، ويتفاوضون معه، ويقدمون له الهدايا. ذهب هنري لصيد السلاحف وأكل الدلافين. أكله النمل الأسود. أبحر. شاهد هنودا صغارا بأصداف عملاقة في آذانهم. شاهد عاصفة في المناطق الاستوائية تحول السماء إلى لون مرضي أصفر: الشيء الوحيد الذي أخاف البحارة الأقدم كما لاحظ. رأى الجبال المشتعلة التي تدعى البراكين. أبحروا إلى أبعد جنوبا. اشتد البرد ثانية. أكل لحم الجرذان ثانية. نزلوا على الساحل الغربي لقارة أميركا الشمالية. أكل لحم الرنة. رأى أشخاصا يرتدون الفراء ويتاجرون بجلود القنادس. شاهد بحارا علقت رجله في سلسلة المرساة وشد إلى البحر كي يموت. أبحروا شمالا إلى أبعد. شاهد منازل مصنوعة من أضلاع الحوت. اشترى جلد ذئب. جمع أزهار بخور مريم والبنفسج والكشمش والعرعر مع السيد ولسون. أكل لحم الخنزير المملح الذي يعج بالديدان. فقد سنا أخرى. وصل إلى مضيق بيرنغ وسمع الوحوش تعوي في الليل القطبي. صار كل شيء جاف لديه مبللا ثم متجلدا. راقب لحيته وهي تنمو. ورغم أنها متناثرة فقد كانت تحمل رقاقات الثلج. وكان عشاؤه يتجمد في صحنه قبل أن يستطيع الأكل منه. لم يشك. لم يرد أن يتم إبلاغ السير جوزف بانكس أنه شكا. باع جلد الذئب الذي اشتراه بزوج من أحذية الثلج. راقب السيد أندرسن، جراح السفينة، وهو يموت ويدفن في البحر في الاحتمال الأسوأ الذي يمكن أن يتخيله المرء: عالم متجمد من الليل المتواصل. راقب البحارة يطلقون زخات من نيران المدفعية على أسود بحر على الشاطئ، كرياضة، إلى أن لم يتبق كائن حي على الشاطئ ذاك. شاهد الأرض التي دعاها الروس ألاسكا. ساعد في صناعة البيرة من شجرة صنوبر، كرهها البحارة، لكنها كانت كل ما لديهم للشرب. شاهد هنودا يعيشون في أوكار ليست أكثر راحة بدرجة واحدة من مساكن الحيوانات التي يصطادونها ويأكلونها، والتقى بروس، محصورين في محطة لصيد الحيتان. سمع القبطان كوك يتحدث عن الضابط الروسي الرئيسي (وهو شاب طويل أنيق وأشقر):"إنه بوضوح سيد من عائلة محترمة. في آب أغسطس استسلم القبطان كوك. لم يستطع العثور على ممر شمالي غربي، وسدت طريق السفينة كاتدرائيات من الجبال الجليدية العائمة. عكسوا الاتجاه وتوجهوا جنوبا. لم يتوقفوا إلى أن وصلوا إلى هاواي. وكان ينبغي ألا يذهبوا أبدا إلى هاواي. سيكونون أكثر أمانا وهم يتضورون جوعا في الجليد. كان ملوك هاواي غاضبين، وكان السكان المحليون لصوصا وعدوانيين. لم يكن سكان هاواي تاهيتيين لم يكونوا أصدقاء لطيفين وفضلا عن ذلك كان هناك الآلاف منهم. لكن القبطان كوك كان بحاجة إلى المياه العذبة، وكان مضطرا إلى البقاء في المرفأ إلى أن تمتلئ العنابر مرة أخرى. حدث الكثير من النهب من قبل المحليين والكثير من العقاب من قبل الإنكليز. أطلقت نيران المدفعية، جرح الهنود، وارتعب الزعماء، وتم تبادل التهديدات. وقال بعض الرجال إن القبطان كوك فقد السيطرة على نفسه، أصبح أكثر وحشية، وأبدى نوبات غضب أكثر مسرحية، واستياء أكثر حدة، عند حدوث كل سرقة. لكن الهنود ظلوا يسرقون. لم يكن بالإمكان السماح بذلك. أخرجوا المسامير من السفينة، سرقت الزوارق والأسلحة أيضا. أطلق المزيد من نيران المدفعية وقتل المزيد. لم ينم هنري لأيام كي يظل محترسا. لم ينم أحد. خرج القبطان كوك إلى اليابسة، راغبا بالاجتماع بالزعماء كي يسترضيهم، لكن قابله بدلا من ذلك مئات من أبناء هاواي الغاضبين. وفي لحظة صار الحشد رعاعا. راقب هنري حين قتل القبطان كوك، بعد أن اخترق صدره رمح محلي وضرب على رأسه بالهراوة، واختلط دمه بالأمواج. في لحظة واحدة لم يعد البحار العظيم موجودا. جر المحليون جثته. فيما بعد في تلك الليلة، وكإهانة نهائية، رمى هندي في زورق قطعة من فخذ القبطان كوك على ظهر سفينة ريزليوشن. راقب هنري البحارة الإنكليز يحرقون المستوطنة كلها انتقاما لذلك. بشق النفس كان يمكن ثني البحارة الإنكليز عن قتل جميع الرجال والنساء والأطفال في الجزيرة. قطع رأسا وسيحدث المزيد من هذا، كما هدد البحارة، إلى أن تعاد جثة القبطان كوك من أجل دفن لائق. وفي اليوم التالي وصل ما تبقى من جثة القبطان كوك إلى ريزليوشن وقد فقدت منها فقراته وقدماه ولم تتم استعادتهم أبدا. راقب هنري فيما كانت بقايا قائده تدفن في البحر. لم ينطق القبطان كوك كلمة واحدة مع هنري، وهنري، الذي تقيد بنصيحة بانكس، لم يترك أبدا كوك يراه، لكن هنري ويتاكر حي الآن، والقبطان كوك ميت. ظن أنهم سيعودون إلى إنكلترة بعد هذه المصيبة، لكنهم لم يعودوا. كان هناك رجل يدعى السيد كليرك صار قبطانا. قرروا مواصلة مهمتهم في البحث عن ممر شمالي غربي. حين حل الصيف، عادوا وأبحروا نحو الشمال مرة أخرى، إلى البرد المريع، وقد غطي هنري بالرماد والغبار من بركان. كانت قد استهلكت جميع الخضار الطازجة منذ وقت طويل، وشربوا مياها مالحة. لاحقت أسماك القرش السفينة، كي تأكل ما يندلق من المراحيض. سجل هو والسيد نلسون أحد عشر نوعا جديدا من البط القطبي، وأكلوا تسعا منها. شاهد دبا عملاقا أبيض اللون يسبح عابرا السفينة، يتحرك بتهديد كسول. شاهد من يقيدون أنفسهم بزوارق صغيرة مغطاة بالفراء، ويبحرون في المياه كأنهم هم وزوارقهم حيوان واحد. راقبهم يركضون على الجليد، تجرهم كلابهم. راقب بديل القبطان كوك، القبطان كلارك، يموت في الثامنة والثلاثين من عمره، ويدفن في البحر. لقد عاش هنري حتى الآن أكثر من قبطانين إنكليزيين. تخلوا مرة أخرى عن المعبر الشمالي الغربي. أبحروا إلى ماكاو. شاهد أساطيل من السفن الشراعية الصينية، وقابل مرة أخرى ممثلي شركة الهندالشرقية الهولندية، الذين بدوا كأنهم في كل مكان في ثيابهم السوداء البسيطة وأحذيتهم المتواضعة. بدا له أنه في جميع أنحاء العالم ثمة من يدين للهولنديين بالمال. سمع هنري في الصين عن حرب مع فرنسا، وثورة في أميركا. كانت الثورة الأولى التي سمع بها. وفي مانيلا شاهد سفينة شراعية أسبانية محملة، كما قيل، بكنز من الفضة تبلغ قيمته مليوني جنيه. باع حذاءه الخاص بالثلج بسترة بحرية. أصيب بمرض الزحار أصيب الجميع لكنه نجا منه. وصل إلى سومطرة ، ثم إلى جافا، حيث شاهد مرة أخرى الهولنديين يحصلون النقود. دون هذه الملاحظة. داروا حول الكيب للمرة الأخيرة ثم انطلقوا راجعين إلى إنكلترة. وفي السادس من تشرين الأول أكتوبر، 1780 وصلوا سالمين إلى ديبتفورد. كان هنري قد غاب أربع سنوات وثلاثة أشهر ويومين. صار الآن شابا عمره 20 سنة. أثناء الرحلة كلها، عرف عن نفسه كما يفعل سيد. وكان يأمل ويتوقع أن هذا سيبلغ عنه. كان أيضا راصدا متحمسا وجامعا للنبات، كما تم توجيهه، وكان مستعدا الآن كي يبوح بقصته للسير جوزف بانكس. غادر السفينة، قبض أجوره، عثر على توصيلة إلى لندن. كانت المدينة مرعبة وقذرة. فقد كانت سنة 1780 سنة مقيتة في بريطانيا بسبب الرعاع والعنف والتعصب الديني المضاد للكاثوليكية، وأحرق منزل اللورد مانسفيلد، ومزق كما كبير أساقفة يورك عن ثيابه ورميا في وجهه في الشارع، واقتحمت السجون، وفرضت الأحكام العرفية، لكن هنري لم يعرف أي شيء عن هذا، ولم يكترث بأي منه. سار طول الطريق إلى 31 حي سوهو، إلى منزل بانكس الخاص. قرع هنري الباب، أعلن عن اسمه، ووقف جاهزا كي يحصل على جائزته.